Feeds:
Posts
Comments

1_151613_1_6

“الديمقراطية لعنة”  بهذا الاستنتاج خرج الكاتب جون دون بزبدة كتابه (قصة الديمقراطية) والذي تناول أصل الديمقراطية أصطلاحاً وكذلك ممارسة وكيف وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم كالنموذج الوحيد الذي يصلح به النظام السياسي بل والمطالب بتطبيقه من قبل الدول غير الديمقراطية، ويستخلص الكاتب بعرض الممارسات الديمقراطية في بعض المجتمعات وما آلت إليه هذه المجتمعات من وضع سيء نتيجة تطبيقها لهذا النموذج والذي يعتمد بالأساس على حكم الشعب، لن أخوض كثيرا في تلخيص الكتاب فبالإمكان الحصول عليه للمهتم. ولعلي بدأت بهذه الفقرة هي لتذكري هذا الكتاب دائماً كلما طرح علي أحد الأصدقاء فكرة التحول  الديمقراطي في قطر، وأنها الحل الأمثل للإصلاح السياسي، ومنطلق الأصدقاء يأتي لمنطلق مشابه بحث فيه الكاتبان دارون أكموجلو و جيمس روبينسون في كتابهما (لماذا تفشل الأمم: أصول الأزدهار والسلطة والفقر) بحيث تناولا نظرية وجوب الديمقراطية كعامل أساسي لإزدهار الأمم وأن أي أمة من غير مشاركة ديمقراطية وشعبية ينتهي بها المصير إلى الفقر (طبعا هذا اختصار شديد يبخس الكتاب حقه، فهو كتاب جميل يستحق القراءة) وناهيكم عن الكثير من الكتب والأدبيات والتي تتناول الديمقراطية كأساس لوجوب الإزدهار بحيث يكون للشعب كلمته في تسيير أمور حياته، ويبقى للسلطة رجالها ويمثلون الشعب في توفير احتياجاتهم، والموجة السائدة في العالم للإصلاح السياسي انعكست على أكثر من ستين بلداً تحول نظامه للنظام الديموقراطي في آخرأربعين عاما.

كلما دخلت في نقاش بخصوص تحول دولة قطر من دولة ذات حكم فردي تكون السلطة فيه متمركزة في شخص سمو الأمير حفظه الله، كلما زادت رغبتي في كتابة هذا المقال، حيث أننا وبشكل فعلي وفي المادة الأولى من دستور البلاد نذكر بأن نظام قطر هو نظام ديمقراطي، ولكننا نعلم بأن المادة الأولى من الدستور لم تطبق فعليا، وهنا أطرح هذا السؤال ولن أجيب عليه الآن: لماذا لا تتم مراجعة الدستور وتعديل  بعض مواده والتي لا تكون متناسبة مع وضع الدولة الواقعي؟ فكثير من البلدان عدلت دساتيرها ولم يضرها ذلك، بل أثبت هذا التعديل نجاحه وتأثيره الإيجابي على المجتمع. فعند وجود دستور صلب مطبق، يصبح الرجوع إليه والاستشهاد به أكثر تقديرا وفاعلية. ولكن ما أود أن أشير إليه هو مبدأ الشورى الذي تعمل به الدولة منذ تأسيسها، وحتى أصبح مجلس الشورى مؤسسة منفصلة معنية بالتشريع في البلاد وإبداء المشورة للقيادة ومناقشة الموازنة العامة وغيرها من الأختصاصات التي كفلها له المشرع وقد حصل على قرابة ثلث مواد الدستور القطري في مسألة مجلس الشورى المنتخب، ولعل عدم قيام مجلس الشورى الحالي بدور فعال وممارسة اختصاصته بشكل قوي شكلت الصورة النمطية له على أنه مجلس شورى شكلي لا دور رئيسي له، وهذه الصورة النمطية يجب أن لا تنفي الفكرة الجيدة منه ومن اختصاصاته.

في كتابه الجميل الصغير (فيم تفكر الصين) نقل الكاتب مارك ليونارد تجربة الصين الفكرية في الانتقال من بلد منغلق على نفسه إلى بلد منفتح ومتقبل للموجة الغربية، وما قابل هذا الانفتاح من مواجهة داخلية مع حراس القديم والمتعلقين بالموجة الشيوعية فأصبحت الصين تعيش بين تيارين تيار ليبرالي متقبل للتغريب وتيار شيوعي متمسك بما لديه من إرث. وفي هذا الكتاب عرض الكاتب أحد التجارب لإحدى المقاطاعات  الصينية والتي أرادات أن تطبق الديموقراطية ولكن بشكل مناسب لطبيعة البلد المحافظة وبين تحقيق قيم العدالة السياسية وإخضاع العامة في مسألة اتخاذ القرار من خلال التشاور، ومن هذا المنطلق قامت دائرة جوغوا من مدينة ون لينغ بصنع نموذج خاص بها في إشراك العامة من خلال التحاور التشاوري، حيث قامت سلطة جوغوا بأخذ عينة عشوائية من المواطنين لاستشارتهم في مشاريع تنموية تبلغ تكلفتها 40 مليون يوان من الميزانية العامة تتعلق بالقطاع العام من الصحة والبنية التحتية وخلافه، ولتفادي عشوائية التصويت التي قد تدخل فيها الجماهير أو تأثرها بأحزاب معينة، قامت السلطات في الدائرة بإشراك العينة في يوم تدريبي تثقيفي حول  المشاريع وأهميتها وما ستترب عليه نتائج تصويتهم لهذه المشاريع على الدائرة التي يعيشون فيها، وهذا النموذج الفريد يمنع حدوث واحد من أبرز سلبيات الديموقراطية وهي إعطاء العامة حق الانتخاب أو التصويت في أمور لا يفقهون بها.

إضافة إلى ما سبق جاء يورغن هابرماس في محاولة لتفسير دمج مبدأ الشورى أو الحوار كما سماه مع الديمقراطية، ليظهر لنا مصطلح الديمقراطية التشاورية، والذي يتخذ من الحوار مبدءا عاما له في مشاركة الرأي العام وإدخاله في دائرة الحوار مع السلطة للوصول إلى القرار الأمثل الذي يتوافق مع رغبة السلطة واحتياج العامة. ولعلني هنا أقدم نموذجا قد يكون قابلاً للتطبيق في قطر لما لها من خصوصية تتعلق بمكونها الاجتماعي، السياسي، والاقتصادي وغيره من الأمور، وحيث أن كثرة الأصوات تنادي ببرلمان منتخب يمارس كافة صلاحياته، وكأن البرلمان غاية لا وسيلة، تجد أن كثير من من طبق البرلمان وخصوصا في المنطقة لم يفلح، ولعله أصبح أداة في تحقيق الفساد أكثر منه في تحقيق الإصلاح، وهنا أأكد بأن الخلل ليس في فكرة البرلمان بذاتها، وإنما في فكرة تطبيقها في بيئة لا تتوافق مع مكوناته الأساسية، وهذا ما ذكره جون دون أن الديمقراطية كانت حالة خاصة بأثينا ولا تقبل التطبيق خارجها.

في خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد ال ثاني حفظه الله في دورالانعقاد 46 لمجلس الشورى، ذكر بأنه سيتم البدء في التشريع والتنظيم لمجلس الشورى المنتخب وعرضه في دورة الانعقاد 47 والتي من المقرر إقامتها غداً من تاريخ كتابة هذا المقال، وهذا المجلس المنتخب والذي قد يتم الإعلان عنه في خطاب سموه لتفعيله في 2019 أو على أقل احتمال مسودة مشروع تنظيمه للأعوام القادمة، والذي تم التصويت عليه كجزء من الدستور القطري في عام  2003  ولكنه حتى عام 2018 أي لخسمة عشر عاما كان معطلاً وكانت الدولة مستمرة في مسيرتها ولعلها وصلت لذروتها من دون مجلس شورى منتخب، صحيح أن عدم  وجوده لا يعني بالأساس أنه سبب لنجاح الدولة في تسيير أمورها، ولكن بلا شك عدم وجوده لم يثني البلد من مسيرتها، فالسؤال الذي أطرحه: هل مجلس الشورى المنتخب هو ما ينقصنا اليوم، وهل هو حاجة ملحة؟ لا أعلم، ولكن ما أعلمه أنه وفي حالة فتح باب الانتخاب والتصويت وتقطيع الدوائر الانتخابية إلى عدة دوائر، من شأنه أن يحول المسألة إلى مسألة قبلية كما حدث ويحدث مع المجلس البلدي – وقد يكون المجلس البلدي مثالا ضعيفا حتى يمنعنا من تطبيق مجلس الشورى المنتخب وذلك نظرا للاختصاصات والثقل الذي يحتويه مجلس الشورى – خصوصا وأن النفس القبلي مازال طافيا على السطح ويعلو في كثير من الأحيان على النفس الوطني وروح المواطنة ولكن ماذا لو فعلا تمت دراسة الحالة القطرية واحتياجها لنموذج خاص بها، بحيث لا نجعل ما لم نفعله لعدة سنوات من تفعيل لمواد الدستور المعطلة، أن يشكل ورقة ضغط لتفعيله لسبب التفعيل ذاته لا لسبب تحقيق الهدف من وجوده. ماذا لو تم البقاء على مجلس الشورى كما هو عليه،و وجود أعضاءه بالتعيين، على أن يشترط النظام الأساسي للمجلس تغيير أعضاءه كل فترة زمنية محددة؟ ويتم إشراك الشعب في التصويت على مسودات القرارت المتعلقة بالشأن العام بحيث لا تتم الحاجة لمجالس تمثيلية سواء تشاورية أو برلمانية، فكل يمثل نفسه والتكنولوجيا اليوم تساهم بشكل كبير في خلق فرص لتطوير المجتمعات، على أن يتم تفعيل الأذرع الأخرى من ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية والشفافية، ويتم نشر تقاريرها بشفافية وتعطى صلاحيات أقوى وقنوات تواصل مع الشعب.

أو على سبيل المثال لا الحصر، يتم تفعيل مركز قطر للقيادات بشكل أكبر، ويتم تكليف منتسبيه للدخول في عملية التصويت لاقتراح القرار الأنسب، ويكون بشكل إلكتروني يمثل فكرة المجالس الإلكترونية وهي فكرة تتخذ من التكنولوجيا قناة للاتصال والتواصل والتصويت على ما يهم الشارع، حيث أن المركز يحتوي على كافة شرائح المجتمع من الجنسين، وعلى مستوى ممتاز من التعليم ولا يتم قبول منتسبيه إلا بعد تصفية ليست ببسيطة، ودخول هذه الشريحة والتي يعتد بأنها ستكون قائدة للمستقبل يعطي التصويت للقرارات المرجوة مصداقية ورصانة أكبر، بعيداً عن عشوائية الجماهير وسلبيات الديمقراطية وبهرجة الانتخابات، كذلك يحتوي المركز على عدة مستويات من القادة، وبمعدل للأعمار مناسب جداً للدخول في هذه العملية. بلا شك بأن المسألة تحتاج لدراسة مستفيضة وأكثر تدقيقا وتأطيرا، ولكن ما أود أن أشير إليه إلى أننا بحاجة لصنع نموذج خاص بنا وبطبيعتنا الاجتماعية والثقافية، مختلفة تماما عن دول العالم، فنحن لنا حالتنا الخاصة، ولكل دولة حالتها الخاصة.

ما أرجوه من هذا المقال هو أن تطرح مسألة الديمقراطية التشاورية على السطح للنقاش والدراسة خصوصا وأن آليات مجلس الشورى المنتخب لم تعلن بعد، وأن يتم التفكيرخارج الصندوق الذي نملكه، وأن ننظر في خيارات من شأنها أن تعزز مستقبل البلد والذي يمر بتحديات كبيرة تواجهه وتحيط به، سائلا المولى عز وجل أن يبارك في هذا البلد ويحفظه ويوفقه لكل خير.

والله من وراء القصد

doha-skyline-homepage

منذ فترة طويلة وأنا أفكر في النموذج الوطني الذي نستطيع أن نصدره للخارج، فبالنظر إلى النقلة النوعية التي انتقلتها دولتنا قطر في السنوات الماضية في مختلف المجالات وعلى كثير من الأصعدة، أردت أن ابحث عن الطريقة أو المبادئ أو القيم التي نعيشها في مجتمعنا والتي نستطيع التركيز عليها وأن تكون علامة تجارية واضحة لدولة قطر. وحتى أقرب المعنى، عندما نرى منتج مكتوب عليه صنع في اليابان، فإننا نربطه مباشرة بالجودة والإتقان والسبب أن الجودة هي قيمة أساسية ارتكزت عليها نهضة اليابان الصناعية. وبطبيعة الحال نحن دولة غير منتجة بالشكل الكبير وأكبر منتج لنا هو النفط والغاز والذي يقوم باستخراجه هي شركات أجنبية أخرى، صدرتها دولهم المنتجة بمنظومتها القيمية القوية والتي جعلتها تصل إلينا بقوة مما حدى بنا بترسية المناقصات عليهم كحال كثير من الدول الأخرى. ويتربط وجود نموذج خاص بالدولة بقوة هويتها وثقافتها في ابناء شعبها، وإذا ما نظرنا اليوم في الحالة القطرية،  فإننا سنرى مجتمعاً يملك هوية قوية في المظهر ولكن هناك مشكلة في الجوهر، وقد طرحت هذا السؤال على عدة أشخاص من صناع القرار ومن العامة: ماهي القيم أو مبادئ الثقافة القطرية التي يمكننا تصديرها للخارج؟ بعيدا عن العرضات وعن اللقيمات وغيره، وحتى أن المشروب الذي أصبح علامة قطرية وهو الكرك فإنه في الأصل مستورد وليس خارج من قطر، ولكن هذه بالنسبة لي مظاهر، ما ابحث عنه هو القيم غير الملموسة، مثل أخلاقيات العمل، أو طريقة التفكير، أو أدوات صنع القرار وغيرها من الأمور التي تنزل في العمق بعيدة عن السطح والتسطيح. وأحد عوامل غياب النموذج القطري هو تقليدنا للنماذج الأخرى، فبالتالي لا نأتي بجديد، فعلى سبيل المثال النظام التعليمي هنا غالب عليه النظام الأمريكي من جانب والبريطاني من جانب آخر، ولكن عندما نرى واحدة من أقوى الدول في التعليم اليوم والتي أصبحت حالة تدرس ألا وهي فنلندا، والتي بدأت عملية خلق النموذج الفنلندي من قبل 40 عام تقريبا، وكان أهم ما قامت به فنلندا أنها خرجت عن قواعد اللعبة المتعارف عليها حيث أن نظامها التعليمي كان مرتبط كثيرا بالنظام الألماني، ولكنها ارتأت أن تعمل على نموذجها بما يتوافق مع احتياجاتها وإمكانياتها، ولأنها شقت طريقا جديدا وهذا الطريق أثبت نجاحه فإنه سيصبح نموذجا يتم تصديره للخارج وستلحقها دول أخرى تتبنى نموذجها التعليمي. وكذلك إذا ما نظرنا إلى أسسنا القانونية والتشريعية فإننا مرتبطون ارتباطا كبيرا بالمدرسة المصرية والتي بدورها مرتبطة بالمدرسة الفرنسية في الدساتير والتشريعات وقس على ذلك في كثير من المجالات. ولأننا لا نملك نموذجنا الفريد الذي نتميز به عن غيرنا فهذا بدوره انعكس علينا كأفراد،  قد لا يكون هناك ذاك القطاع الذي يميزنا عن غيرنا ونشأ نتيجة نمو داخلي وطني، وللأسف أن هذا الأمر انعكس على الأفراد فقلما نجد فرد متميز وفريد من نوعه في مجال معين والسبب ضعف النماذج الخاصة بالبلد. بالإضافة إلى ما سبق فإن أحد العوامل التي أدت إلى ذلك هي قلة القرارات السياسية الداخلية الجريئة، والتي قد تولد حراك إيجابي في قطاع معين قد يولد نموذج خاص بقطر بالرغم من أننا مررنا بموجات قوية في الفترة الماضية هيئة المناخ العام لتوليد هذه القرارات، إلا أنها لم تر النور وسأرجع مرة أخرى للتعليم (على سبيل المثال لا الحصر) وذلك لأهمية هذا القطاع فإذا أردت أن تعرف قوة دولة ما انظر إلى القطاع التعليمي والصحي لديها، ونحن نعرف جيدا مستوى التعليم والصحة لدينا حتى وإن وضعتنا المعايير الدولية في رأس القوائم. فقد كانت هناك رغبة في إنشاء نموذج تعليمي قوي في قطر وتولد منه نظام المدارس المستقلة، وللأسف لم ينجح هذا النموذج ولا بأس من فشله، ولكن التأخر في إيقاف الفشل وطريقة حلنا لهذه المشكلة بإرجاع النظام التعليمي للنظام القديم جعلنا نخسر فرصة خلق نموذجين، النموذج التعليمي المراد إيجاده وأيضا خسرنا فرصة خلق نموذجنا الخاص مع تعاطينا كشعب وحكومة لمشكلة وطنية عانينا منها بشكل كبيرة. ما زالت الفرص أمامنا اليوم بمواردنا وقدراتنا في إيجاد نموذجنا الخاص بنا، فنحن اليوم نمر بتحديات ونعاني في جوانب كثيرة، وطرحي لهذا الموضوع ليس نظرة سلبية للواقع، وإنما بحث وتحفيز للتفكير، فقد كانت قطر سابقا نموذجا إقليميا، وكنا معروفين بقيم وثقافات مرتبطة بنا على سبيل المثال “ألاد نفيع”، وكذلك القصة القديمة المتداولة (ولا أملك مصدراً) عندما أراد الشيخ زايد رحمة الله عليه وطيب الله ثراه أن يصل بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة إلى مستوى قطر. نحتاج اليوم أن نقف وقفة صدق وأن نقيم الواقع الذي نعيشه وما مدى قوته أمام مواجهة المستقبل الصعب الذي ستواجهه المنطقة. والله الموفق.

أشغال .. كيف الحال؟! 

مدخل: 

أنا لست ضد مشروع إصلاح الكورنيش بل أدعمه وأشكر القائمين عليه فهو سيخدمنا كثيراً في المستقبل، ودعمي للمشروع لا يعني أنني لا أتضايق من طريقة تعامل صاحب المشروع معنا ولهذا أكتب المقال! 

الموضوع:  

زحمة، زحمة، زحمة، يكفيك أن تدخل موقع تويتر في أي ساعة تشاء حتى ترى هذه الكلمة تتكرر في شاشتك بشكل دوري. عدد المتضريين من زحمة الكورنيش بالآلاف، وعدد الساعات المهدورة تقتل جميع عقارب الساعة!  

كل خميس أجتمع مع أخوة أفاضل أحسبهم من خيرة شباب هذا البلد، وبما أننا جميعنا متضررون من إهدار الوقت بسبب هذا المشروع فلا بد أن تكون نهاية الأسبوع متنفساً لنا ووقتاً لإطلاق عنان أفكارنا في تناول مواضيع الوطن. ومن خلال النقاش الدائر حول مشروع الكورنيش وصلنا للنقاط التالية:  

  1. نحن مع إصلاح الكورنيش، فمساحته ضاقت بنا وضاقت بالإنفجار السكاني الذي تشهده البلد. ومن يريد أن لا يتم إصلاح شوارعنا وتقديم خدمات تليق بنا فنتمنى منه أن يبحث عن عمل لا يمر به بهذه المنطقة. 

  2. هناك تقصير من أشغال، والتقصير لا علاقة له بما يحدث على أرض المشروع، وإنما بالتواصل مع العامة، معي، معك، ومع الشعب المتعطل بسبب هذا المشروع الحساس. متى شهدنا آخر تصريح رسمي من أشغال؟ أو من فينا يعرف من هو المتحدث الرسمي للإعلام الذي يمثل أشغال؟ من فينا يعرف ماهو الشكل النهائي للمشروع؟ نحن الآن في نفق مزعج جداً، والحل الوحيد في أن تخرجنا منه أشغال هو بالتواصل الواضح والصريح معنا. ومن أساسيات إدارة المشاريع هو التواصل مع العامة والذي يمثل أيضاً ركيزة من ركائز الشفافية التي تكاد معدومة في مجتمعنا، وأظن أن الأخوة في أشغال لم ينتبهوا لهذه النقطة المهمة، وهذا ما يعكس حنق وإحتقان الكثيرين على زحمة مشروع الكورنيش!  

  3. يجب أن ننظر لتجارب دول الجوار ونتعلم منها، فهناك نماذج لتخطيط طرق ناجحة جداً، والنظر إليها سيخدمنا كثيراً، فنحن متشابهون في المناخ والتحديات، وبالإطلاع على تجاربهم سنتجاوز مشاكلهم و سنقدم مشاريع أفضل منهم، فشوارعهم لها أعمار أكبر بكثير من شوارعنا، وللأسف هذا يبين مستوى التخطيط لدنيا والذي يعتبر مشكلة قديمة في تاريخ البلد، فالشوارع والطرق لها أعمار، وأظن بأن أعمار شوارعنا صغيرة جداً مقارنة بدول الجوار. 

  4. هل ندعي بأننا أذكى من القائمين على المشروع؟ أو أننا أكثر إطلاعاً منهم على التحديات التي تواجه البلد؟ لا أبداً ولكن هناك أمور نرى بأنها بديهية ويمكن القيام بها لتلافي الزحام، فمثل هذا المشروع الحساس كان من الأولى أن تتدخل فيه جميع جهات الدولة، وهذه مشكلة عويصة يجب أن نجد لها حلاً، فنحن على أبواب مشاريع ضخمة ستعطل السير كما فعل مشروع الكورنيش، فمثلاً كان يجب أن تتغير ساعات العمل حتى لا يكون كل الضغط على المشروع في ساعات الدخول والخروج منه، ولا نرى تفسيراً منطقياً لعدم القيام بهذه الخطوة، وهذا  يرجعنا للنقطة (ب) وهي عدم وجود متحدث رسمي يبين لنا مثل هذه الأمور! 

  5. نتمنى من أشغال أن تجعل الشعب جزء من نجاح المشروع، فالمشروع بشكل أساسي هو لنا، والأخوة الأفاضل في أشغال هم منا. هناك طرق كثرة بإمكانها أن تساهم في نجاح المشروع من خلال المشاركة الشعبية، فالضغط الإعلامي على أشغال، قد يصاحبه ضغط من أصحاب القرار في الإنتهاء من المشروع في أسرع وقت، وهذا الضغط على أشغال قد يحدث مشكلتان: الأولى زيادة في التكلفة والثانية قلة في الجودة، ونحن لا نريد لا هذه ولا تلك! كل الذي نريده هو طريق صالح لكل مركبة ولكل زمان، يمكننا من خلاله الوصول لأي وجهة في وقت قصير. أحد الحلول المقترحة لهذه النقطة هي بوضع مجموعة عمل تشمل مختلف أفراد وطبقات المجتمع، وهذه بدورها تقوم بإبداء آرائها ومقترحاتها لأشغال قبل القيام بأي مشروع، وأظن بأنه سينعكس إيجابياً على حركة أشغال وعلى حركة المشاريع في هذا الوطن المعطاء. 

في أحد الزيارات لمدينة نيويورك كان تمثال الحرية والذي يمثل رمزاً عالمياً للسياحة مغلق لأعمال الصيانة، ونحن على أبواب إجازة عيد الأضخى المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالسعادة والبركة، أقترح أن يتم إغلاق الكورنيش خلال إجازة العيد ويتم العمل بشكل مكثف 24/7 وبإذن الله سيتم إنجاز جزء لا بأس به من المشروع، سنتفهم الإغلاق في الإجازة ولن نتفهمه في أوقات العمل الرسمية. 

في النهاية نتمنى من أشغال ومن معها كل التوفيق في إدارة هذا المشروع، ونسأل الله أن يوفق الأخ المهندس ناصر المولوي لإتمام هذا المشروع على أكمل وجه، فنحن لم نسمع عنه إلا كل خير. ونحن واثقون بأنه لن يجعلنا بعد إنتهاء المشروع نسأل هذا السؤال: أشغال .. كيف الحال؟!

 

قطريون .. ولكن!

 قطريون .. ولكن!

نعم هم قطريون، في كل شيء، قطريون بأفعالهم، بلهجتهم، بلبسهم، بمولدهم، والأهم من هذا كله هو بعطائهم لقطر. عاشوا فيها وشهدت حواريها ركضاتهم، وضحكاتهم، درسوا فيها و تفوقوا على أقرانهم. أكلوا منها وشربوا، يربطهم الدم بقطر، والأقوى من ذلك روح الولاء والوفاء، عندما تراهم تود لو أن جميع شباب قطر مثلهم في العطاء والحب لهذا البلد، تودُّ لو أنك تستطيع أن تستنسخ منهم حتى يتحسن الوضع العام للشباب، تجدهم دائماً مشغولين في خدمة هذا البلد، والأجمل من هذا أن هذه الخدمة نابعة من حب عميق، عميق جداً له. هم من قطر و قطر احتوتهم!

 

قطريون ولكن ليسوا قطريين، قطريون بالروح والدم، ولكن ليسوا قطريين بالجواز. 

أبناء بناتنا لهم حق علينا، لهم حق أن نكون لهم العون والعزوة، ولكن للأسف حالهم يحرج البعيد قبل القريب! 

قبل فترة بسيطة التقيت بمها، ومها لم أرها منذ سبع سنوات، كنا في برنامج الجسر الأكاديمي معاً، تخرجتْ قريباً وعملتْ في جهة عمل لا تصلح لها أو أظن ذلك، سألتها: لماذا هذا المكان بالذات يا مها؟

قالت وبكل أسى: أنت عارف الوضع يا حمد!

وفي الحقيقة من شدة ما كنت أظنها قطرية، نسيت أنها لا تحمل جواز البلد، ولكنها كانت تحمله بروحها لا بأوراق مخزنة في أحد الأدراج وقد لا تراه في العام إلا مرة. وهنا أطرح على نفسي سؤالاً: إذا كان الإنسان يحمل هوية بلد وتطبع بطباعه وحمل همه وعاش فيه بحلوه ومره، ألا يعتبر منه وفيه؟ وأظن هذا ما حدث مع العمالة الهندية عندما توطنت في المملكة المتحدة وعاشت أجيالاً فيه، والآن ذو الأصول الهندية يفتخر بأنه بريطاني الوطن والطبع، ويرفض كل الرفض أن تقول عنه هندي! وسيحدث هذا الأمر عاجلاً أم آجلاً مع المقيمين في هذا البلد شئنا أم أبينا.

غير مها الكثير من أبناء بناتنا، الذين يمثلون البلد في كل مكان على أنهم قطريون ولكن للأسف قطر لم تعترف بهم، معاملات تتعطل، صعوبة الحصول على عمل، وراتب قليل جداً يصعب عليهم العيش كقطريين. وكيف لا يريدون أن يكونوا قطريين وهم عاشوا فيها عقود من الزمن! عبدالله يعمل في مؤسسة إعلامية يومياً أكثر من 12 ساعة حتى يحصل على راتب قد يتجاوز ال6000 ريال قطري بقليل، وأنا متأكد أن مثل مها وعبدالله الكثيرين ممن يعانون بيننا ولكن عفتهم وحبهم للوطن يمنعهم من الحديث.

حكومتنا يجب أن تفتح هذا الملف بكل جرأة وصراحة، هل أبناء القطريات قطريون؟ الجواب الأول سيكون: لا، فالأبن يتبع أباه، نعم هذا صحيح في الروابط الأسرية، ولكن ماهو الوضع مع الرابط الوطني؟ فكيف لا نعطيها لمن يستحقها وأقسم بالله أن منهم كثيرون يتعاملون مع الوطن أفضل بمراحل كثيرة من أبناء القطريين أباً عن جد! قانون الجنسية 2005 يجب أن يعاد النظر فيه، اللجنة الدائمة للسكان يجب أن تتحرك، والأهم من هذا يجب أن يكون أول من يفتح هذا الملف هو مجلس الوزراء لما له من تأثير على مختلف الوزارات.

 أحد الحلول المقترحة أن يتم تجنيس أبناء كل من مضى على زواجها وعاشوا في قطر بشكل دائم عشر سنوات أو أكثر، أظن أن عشر سنوات هي فترة كافية لأن يتشرب الطفل الولاء والعادات والتقاليد من أخواله، فالطفل يميل لأخواله قبل أعمامه حتى هذا السن، فما بالك بطفل لا يملك في وطنه سوى عائلة أمه والتي عاش معها وربى؟ وللنظر للموضوع من ناحية زيادة في كثافة السكان القطريين، في زيادة نسبتنا التي قد تقل عن ال11% من إجمالي السكان، وهذه مصيبة أخرى لا نريد أن نفصل فيها. لتكن نظرتنا للمدى البعيد، تجنيس 1000 شخص من أبناء القطريات، كم ستكون فائدته بعد 50 سنة من الآن؟ لا تكن نظرتنا لسنواتنا التي سنعيشها، بل لسنوات سيعيشها أبناء أبنائنا.

 إذا كنا فعلاً جادين في تحقيق رؤية قطر 2030 وتحقيق تنمية مستدامة فيجب أن نتقبل الجميع، وكيف لا نتقبل أبناء بناتنا؟ والأشد من هذا أن مواردنا أكبر من عددنا نحن القطريين- اللهم زد وبارك-ولكن من العيب أن لا نشاركها مع من بناها معنا بحبٍّ وتفانٍ وإخلاصٍ و ولاء. انظروا للدول العظيمة المتقدمة، بمجرد ولادة الطفل فيها فإنه يحصل على جميع حقوق المواطنة، وهذا ما جعلهم يتقدمون علينا في كثير من الأخلاقيات وغيرها، تقبل بعضهم البعض، وبنوا قوانينهم على الأصل أن الشخص يدين بالحب و الولاء للبلد التي يقطع سره فيها!

والغريب أننا نسعى جاهدين لتحقيق حياة كريمة للمرأة في مجتمعاتنا ولكن سيكون جرماً عليها تحمله إن تزوجت بغير قطري، ومن غير العدل أن لو حصل العكس فلن يصبح الوضع مثل ماهو عليه، فالمواطن من حقه أن يتزوج بغير قطرية و سيرث ابناءه جميع حقوق المواطنة. ونحن متناسين أننا في مجتمع خليجي مترابط، من مشرقه إلى مغربه ستجد عوائل وأنساب مترابطة، وهذا بدوره أثر على كثير من زواجات بناتنا، وهذا موضوع يطول نقاشه.

قطر صغيرة بمساحتها، كبيرة بعطائها وحبها لأبنائها، وأجزم بأننا ظلمنا كثيراً أبناء بناتنا الذين عاشوا وتربوا في هذا الوطن. نحن في بلد ولله الحمد والمنة غني بموارده واقتصاده، أتمنى من كل قلبي أن يتم إعادة النظر في ملف أبناء القطريات وكفانا حسداً وكبراً وإقصاءً. 

والله من وراء القصد …  

 

لماذا لا نصنع ديموقراطيتنا بأنفسنا؟

الجواب البسيط: لأننا لا نملك أي شيء, من الشاشة أو الورقة التي تقرأ منها هذا السطر, إلى “الفانيلة” التي تلبسها!

الجواب الطويل: على ما يبدو أن مجلس الشورى المنتخب سيتم تأجيله مرة أخرى لأسباب لا أعلمها,  وهذه فرصة أطرح فيها فكرة لعبت في عقلي كثيراً و قد حان وقت تهجيدها!

 

من الكتب التي اسأل الله أن لا يسقطها بيد الحكام العرب خصوصاً و المسلمين عموماً, هو كتاب (قصة الديموقراطية) للبروفيسور جون دن من جامعة كامبردج. في هذا الكتاب عرض جون تأصيلاً للديموقراطية من بدايتها وحتى انتهى بها يومنا هذا, وهو كتاب في الحقيقة يستحق القراءة (ليس للحكام) لأنه قد يجيب على سؤال لماذا الديموقراطية بالذات؟!

 

يتم عرض التجربة الديموقراطية في مدينة أثينا ومن ثم الموت الذي أصاب هذه الكلمة لمدة تقارب ال 1500 سنة, ومن ثم رجوعها للحياة بقوة على الساحة السياسية وخصوصاً في أواخر القرن الثامن عشر مع الثورة الأمريكية و الفرنسية, ومن ثم نجاحها الكاسح كنموذج معتمد دولياً, وأي تهميش لها هو تهميش للمارسة السياسية الشعبية, وكأنها نظام سماوي لا يمكن التخلي عنه!

 

لم يأت الإسلام بنظام سياسي واضح من الألف إلى الياء يوضح الحياة السياسية التي يجب أن يعيشها المسلمين, وإنما أعطانا مبادئ يجب علينا المحافظة عليها من خلال السياسة, وهذه المبادئ موجودة قبل الإسلام, فهي مبادئ إنسانية بحتة وجدت مع وجود آدم, العدل, المساواة, و الحرية. وعليها من بداية الخليقة كانت الأنظمة الحاكمة (المعتدلة) تحاول أن تصيب هذا “الثالوث الإنساني” إن صحت تسميته. حتى نظام الشورى في الإسلام, وفكرة أهل الحل والعقد كان أساسها نابع من هذه المبادئ.

 

في قصة الديموقراطية,يقول الكاتب أنه لا توجد دولة طبقت الديموقراطية إلا وسقطت! واستدل بدولة روما عندما حاولت تطبيق النموذج الأثيني الديموقراطي, وروما حينها كانت دولة ملكية خالصة, ولكن ما الذي جعلها تسقط؟ أو لماذا نجحت الديموقراطية في أثينا ولم تنجح في روما؟ يقول الكاتب, لأنه بكل بساطة الديموقراطية كنموذج هو حالة خاصة بأثينا وحدها, التي كان نظامها الاجتماعي, السياسي, و الثقافي مخولاً لتطبيق هذا النظام الشعبي.

 

طيب؟!

أقرب دولة لنا طبقت الديموقراطية, هي دولة الكويت الشقيقة. ولكنها على ما يبدو لم تعطنا نموذجاً صالحاً للتطبيق بحكم النهاية السريعة له (على ما يبدو فما يحدث الآن هو تعطيل لها) فالديموقراطية متى ما كانت ناقصة فهي حرية زائفة كما يقول جون دن! الكويت تشبهنا كثيراً, كثيراً جداً, من الموقع الجغرافي إلى الحياة الإجتماعية إلى نظام الحكم وقل ما شئت ستجد أننا نتشابه كثيراً, فنحن أشقاء و الدم واحد. (لن أتطرق للبحرين فهي نظام ملكي, و النَفس الطائفي فيها عالٍ جداً) كنا نحلم بأن تنجح التجربة الكويتية حتى يتم تصديرها إلى باقي دول الخليج, ولكنها للأسف أصبحت عكس ذلك, بل الآن يتم الاستشهاد بها لمحاربة الديموقراطية, وحتى مع هذا الوضع الذي هم عليه, نجد أن الشباب الكويتي متفوق على أقرانه الخليجيين في كثير من المجالات, من الأمور الدينية إلى الدنيوية! لماذا؟! لأنه بكل بساطة حتى النظام الدموقراطي الكويتي “الزائف” كانت له إيجابيات كثيرة, أزاح كثيراً من قيود الإبداع التي قد تعيق تحركات الشباب في مختلف دول الخليج, فديموقراطية زائفة قد تكون أفضل من ملكية مطلقة.

 

الزبدة؟!

الزبدة, على ما يبدو أن مجلس الشورى المنتخب قد لا يجدي نفعاً (قد يرى البعض ذلك) بناءاً على وجهة نظره من الوعي الشعبي الحالي بالممارسة السياسية, وقد يجدي الكثير من المنفعة, على الأقل بدلاً من مناقشة تغيير اسم الخبز الإيراني, قد تكبر المواضيع لتشمل مناقشة معاشات الشؤون, الصحة, التعليم و غيرها من الأمور. لأنه بطبيعة الحال سيتم إنتخاب أشخاص مستواهم العلمي يرقى لأمور تهم الوطن و المواطن (مع كل احترامي و تقديري للمجلس الحالي)

 

المادة (1) من الدستور القطري الدائم

“قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة, دينها الإسلام, و الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها, “ونظامها ديموقراطي” ولغتها الرسمية هي اللغة العربية, وشعب قطر جزء من الأمة العربية. “

وغير هذا البند هناك ثلث الدستور يتناول المجلس المنتخب وآلياته وكيفية العمل به.

 

ولكن!

 

لا يهمني إن كان سيتم وضع مجلس شورى منتخب أو نظام ديموقراطي برلماني, أو أن تتحول دولة قطر إلى الجمهورية العربية القطرية, أو الولايات القطرية المتحدة, أو القبائل القطرية المتحدة. كل الذي يهمني أن يتوفر الثالوث الإنساني, عدل, مساوة وحرية.

فرنسا ديموقراطية

أمريكا ديموقراطية

المملكة المتحدة ديموقراطية

 

وكلها نماذج ناجحة, ولكنها غير قابلة للتطبيق عندنا, لأن كل نموذج من هذه النماذج صالح لبلده فقط, فرنسا نظامها يختلف عن أمريكا وكلتهما تختلفان عن المملكة المتحدة.

 

وعليه يجب أن نصنع نموذجنا “الديموقراطي”, بإرادة صادقة من الحكومة, وبدعم شعبي من عامة الناس. وإلا سيأكلنا المستقبل كما تأكل النار الحطب!

والله ولي التوفيق و القادر عليه. 

من هو الصديق؟!

الجواب البسيط: من صَدَّق العهد الذي بينك وبينه!

الجواب الطويل:

في الحقيقة منذ فترة طويلة وأنا أريد أن أُعَرِف الصديق, من هو؟ وما حاجته؟! ولعلي بتجربتي الصغيرة في الربع قرن الماضية خرجت بشيء يسير لعله يجيب هذا السؤال الحارق الخارق الذي أتعبني كثيراً.

الصديق هو ذاك الإنسان, الذي يكبر معك وتكبر علاقته بك. فلا تجمد عند مرحلة معينة من حياتك, فتكبر أنت ولا تكبر علاقتكما!

الصديق هو الذي يدعمك في أي مشروع تخوضه, حتى لو كان مشروعاً مجنونا, تقول لي: كيف؟ أقول لك: انظر للصديق أبو بكر   ودعمه لمشروع الرسول صلى الله عليه وسلم (الذي كان يعد مجنوناً وحاشاه) 

الصديق هو الذي يأخذك بيده من وحول الدنيا, ليغسلك بماءها النظيف.

الصديق هو الذي يُكَبرك عندما تتقزم في نفسك, و يقزمك عندما تتكبر!

الصديق هو الذي يجعل الفعلة الصغيرة التي تفعلها كبيرة في عيون الناس, و الكبيرة في عيونهم يجعلها حدث تاريخي.

الصديق الحقيقي هو الذي يعرف قيمتك الحقيقة أكثر من أي شخص آخر.

ليس الصديق هو الذي يحفر لك أي حفرة, حتى لو كانت مزحة, بعض الحفر لا تخرج منها!

الصديق الحقيقي هو الذي عندما تراه تبتسم, رغماً عن أنف جبال الهموم التي تعتريك.

الصديق هو من يحفظ سرك, و تأمنه عليه ما حييت, في الحقيقة متى ما كان هناك جدار شك, فقد سقطت الصداقة.

ليس كل شخص تراه يومياً صديق, هناك أصدقاء لا تراهم ولكنك تشعر بهم!

عندما ترى شخص يسأل عنك دائماً مهما ابعدتكم الدنيا عن بعضكم البعض, فهذا صديق وفيّ.

الصديق كنز, لا فائدة من أصدقاء يزيدونك فقراً.

الأصدقاء مثل الرزنامة, هناك من تقطعه الأيام وترمي به في القمامة, وهناك من تقطعه وتحتفظ به, وهناك من تتجمد عليه ولا تغيره ولا تريد أن تغيره!

الأصدقاء سكر للحياة, إياك و أن تخلط السكر بالملح ظناً منك بأنهم سواء.

الصديق هو الذي لا تشعر معه بأية حواجز, الذي تدخل في روحه ويدخل في روحك وتود لو أنكما واحد.

الصديق الحقيقي أخ لم تلده أمك, قد لا تراه يومياً مثل أخوك تماماً ولكنك لا تتخيل أن تعيش بدونه, بل إن العيش بدونه خياراً لا يطرأ عليك أبداً.

الصديق هو الناصح لك لا الفاضح!

أجمل رسالة جائتني من صديق هي: الحمدلله أنك في حياتي, فلكما أراك ارتاح لأني ضمنت مقعدي في ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله.

أخيراً الصديق الحقيقي هو الذي لا يجعلك تشعر بالرعب من هذه الآية: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) الزخرف 67, من خلال هذه الآية يجب أن تبني علاقاتك وتربط الروابط المتينة مع أصحابك. ومعنى كلمة خليل هي الصديق الخالص, فمن تظنه صديقاً حقيقاً اليوم قد يكون عدواً حقيقاً في الغد البعيد عن بالك, القريب من حياتك!

اسأل الله أن يجعل أصدقائي متقين يرفعوني في الدنيا و الآخرة. ولمن قرأ هذا المقال

كيف نحافظ على القطري من الإنقراض؟

في الأيام الماضية شاركت في مؤتمر يخص الشباب وريادة الأعمال, وكان سيكون إضافة جميلة للشباب القطري, ولكن للأسف الشباب القطري لم يكن متواجداً فيه, كنا فقط أربعة قطريين من أصل مئات من المقيمين وضيوف المؤتمر, والذي أحزنني هو أن هذا المؤتمر في بلدي قطر, وشطح خيالي بعيداً فرأيت أنه إذا استمر الحال على ماهو عليه فإنه لن يكون هناك قطري في المستقبل, و الأخطر إذا كان الوضع يزداد سوءاً كما تشير الأرقام.

ماذا تقول الأرقام؟ 

حسب جهاز الإحصاء القطري لشهر يناير من عام 2013 أن عدد السكان الذين يسكنون قطر هو 1903447, وهذا عدد سبق ما تطمح إليه الخطة التنموية الوطنية 2011-2016. وعندما بحثت عن عدد القطريين من هذا الرقم فلم أجده, وهو في العادة لا يذكر لا في الصحف الرسمية أو في موقع الإحصاء نفسه, وقد تكون لهم أسبابهم لذلك. ولكن “كلنا عيال قرية وكلن يعرف خيه” من خلال أحد المعارف الموثوق بهم علمت أن عدد الجوازات القطرية بالكاد يصل 300 ألف – سأعتمد هذا الرقم التقريبي فالزيادة أو النقصان لن تكون كبيرة-  وهذا يعني أن نسبة القطريين من العدد الكلي هو 15,8% وهذه نسبة خطيرة نوعاً ما. فمن بين كل 100 ساكن ستجد قرابة ال16 قطري, و الأخطر من هذه النسبة هي معدل النمو للسكان حسب جهاز الإحصاء, فحسب الجهاز فإنه منذ عام 1985 (أقدم تسجيل للإحصاء) معدل النمو السكاني للقطريين لم يتجاوز 4% بينما لغير القطريين انفجر عام 2004 من 6% ليصل إلى 15% وفي عام 2008 وصل إلى 22%. وهذا الإنفجار له اسبابه المنطقية من زيادة في المشاريع والتي تحتاج لأيدي عاملة لبنائها و تشغيلها, و هذه النسب تسمى نسب متحركة بحيث أنه من المتوقع أن تقل هذه النسب بعد الانتهاء من المشاريع, ولكن لأن المشاريع كثيرة فهي تحتاج لمقيمين ليشغلوها وبهذا لن تقل النسبة المتحركة كثيراً, وقد تزيد مع تطلعات الحكومة الطموحة.

أين المشكلة؟ 

المشكلة في أنه إذا استمر الوضع على ماهو عليه فإن القطري مهدد بالإنقراض! لأنه غير متواجد لا في المؤتمرات أو الأنشطة اليومية من مجمعات و أماكن سياحية وغيرها من الأمور, أصبحنا أقلية في بلداننا وهذا سيشكل عبئاً كبيراً على الحكومة في المستقبل من خلال اللغة التي نريد أن نستخدمها, الهوية التي نريد أن نرسمها, و البيئة التي نريد من ابنائنا أن يعيشوا فيها.

عندك حلول؟!

نعم عندي بعض الحلول التي أرى أنها قد تساهم في معالجة المشكلة نوعاً ما, ولأهل الإختصاص دور رئيسي في تأطير و سن الحلول اللازمة لمعالجتة المشكلة.

من خلال بحثي للمقال علمت أن هناك لجنة تسمى باللجنة الدائمة للسكان (و أجزم أن كثير من الشعب لا يعلم بوجودها), دخلت موقع اللجنة و بهرتني جهودهم في خلق قوانين وسن سياسات لتأطير مسألة التركيبة السكانية و وضعهم للحلول اللازمة التي تساعد في التحكم على الانفجار السكاني. و ايضاً عجبت بمستوى الشفافية التي تعرضه في نشرتها السنوية من أرقام و ونسبة الإنجازات التي حققتها مقارنة بالعام الماضي.

وجود هذه اللجنة مهم جداً, ولكني أظن بأنه غير كافي حتى الآن, واتمنى أن يتم مساعدتها من قبل الشعب و الهيئات و المؤسسات في تحقيق أهدافها و سن سياسيات للدولة.

لأن الزيادة السكانية مرتبطة بشكل كبير بمعدل الإنجاب, فإني سأركزعلى هذه المسألة:

بالرجوع إلى موقع جهاز الإحصاء يتبين لدينا مؤشر خطير جداً وهو إنخفاض معدل التوالد الإجمالي للقطريين من 2,6 عام 1984 إلى 1,9 عام 2008, و أيضاً إرتفاع متوسط العمر عند الإنجاب عند القطريين من 29,7 إلى 31 ما بين 1984 إلى 2008, وخطورة هذه الأرقام تكمن في أنه سيكون هناك إيضاً إنخفاض في معدل التوالد و ارتفاع في متوسط العمر, مما يعني أنه ومع مرور السنين سيكون القطري فعلاً مهدد بالإنقراض, ولعلنا فعلاً نحتاج إلى:

وضع خطة وطينة خمسينية لزيادة معدل المواليد, بمعنى أنه يتم دراسة الوضع الحالي, وكيف سيتم مثلاً زيادة عدد القطريين في عام 2065 للنسبة المطلوبة لنقل 40% من السكان؟ وهذه بعض المقترحات التي قد تساهم في هذا الأمر:

  • التشجيع على الإنجاب, بإعطاء علاوات و خدمات محفزة للزوجين المنتجين.

  • تخصيص منحة حكومية لربات المنزل, حتى يكون هناك خيار لمن تريد أن تترك عملها وتتفرغ للتربية.

  • إجبار الشركات و المؤسسات على وضع حضانات في أماكن العمل, حتى لا يكون العمل مثبطاً لعملية الإنجاب.

  • التشجيع على تقبل فكرة التعدد, بما أنها حلال شرعاً ولكنها يتم محاربتها عرفياً وإعلامياً.

وهنا باب آخر أود طرقه, وهو باب زيادة القطريين بالتجنس. قرأت قانون الجنسية (38\2005) كاملاً وشعرت بأن هناك مساحات للتحرك فيه خصوصاً مع البند ال2 و ال6 (يمكن الرجوع للقانون باستعمال قوقل), صحيح بأنه قانون تمت المصادقة عليه ولكن اتمنى حقاً مراجعته و التعديل عليه إن لزم الأمر, وهنا ثلاث فئات اتمنى الإلتفات لها بشكل جدي:

  • حاملوا الوثائق, والوثيقة هي مشابهة للجواز القطري تماماً ولكن لونها أزرق ويكتب عليها “وثيقة سفر”. هذه الفئة أسميها الفئة المعلقة, معلقة على أمل أن تحصل على الجنسية في يوم من الأيام. يتم معاملة هؤلاء تقريباً كمعالمة الأجانب المقيمين في البلد, إلا أن العلاج بالمجان. بدأت هذه الفئة في الستينيات في عهد الشيخ أحمد بن علي آل ثاني رحمة الله عليه وكانت تعطى لمن قدم خدمات جليلة للوطن. هذه الفئة تعاني كثيراً لأنها يجب عليها تجديد وثيقتها سنوياً, وهذا يعني أن الوثيقة فعلياً تكون صالحة لمدة 6 إلى 9 شهور كحد أقصى لأن بعض الدول تطلب حد أدنى لصلاحية وثيقة السفر من 3 إلى 6 شهور. من وجهة نظري والحكومة أدرى بهذا الأمر أن هذه الفئة تستحق الجنسية أكثر من غيرها, وخصوصاً عندما يكون ابناء هذه الفئة هم ابناء بناتنا القطريات في نفس الوقت. لماذا لا يسن قانون: يجوز بقرار أميري منح حاملي الوثائق لمن لديه إثبات أنه يسكن قطر قبل عام 1970م. أظنها ستحل مشكلة البدون في قطر إن صحت تسميتهم.

  • ابناء القطريات الذين ولدوا و عاشوا في البلد و تربوا فيه وخدموه, هؤلاء والله إني أعرف عدد منهم خدم البلاد أكثر من حاملي الجنسية. يمكن تقنين هذه المسألة بوضع حد أدنى للمدة التي عاشوا فيها في البلد, لنقل خمسة عشر عاماً: أي مولود من أم قطرية عاش بشكل متواصل في قطر لمدة تزيد عن الخمسة عشر عاماً يمنح الجنسية القطرية بقرار أميري. في الحقيقة اسأل نفسي لو أني مكانه, أين يمكن أن أعيش؟ في بلد أبي الذي لا أعرف فيه أحد؟

  • الذين خدموا الدولة لفترة طويلة, مثل المعلمون, الأطباء, المهندسون و غيرهم. ولعلهم يندرجون تحت البند ال6 من قانون الجنسية, وقد يقول أحدكم لماذا لا يشملهم البند ال2 ؟ والسبب أن البند الثاني خصص 25 سنة خدمة للوطن حتى يكون لهم حق التقديم على الجنسية, واليس غريباُ أن تكون مساوية لفترة المؤبد؟ اتمنى تقليصها إلى 15 سنة, فمنهم من خدم البلد بإخلاص وتفان, ابناءهم ولدوا في هذا البلد وعاشوا فيه ويعرفون عاداته و تقاليده و لهجته, وأعرف الكثير منهم الذين لا نفرق بينهم و بين القطري عندما يتكلمون!

هذه الفئات الثلاثة أعلم أنها كانت ومازالت موضوع نقاش, وقد يسأل أحدكم هذا السؤال الذي سئلته كذا مرة: ماذا لو لم تكن في قطر خيرات (فلوس) هل كانوا سيبقون فيها؟ وسؤالي لهم هو: ماذا لو لم تكن في هذا البلد خيرات وحياة آمنة كريمة هل ستعيش أنت فيها؟ ماذا حدث في قطر في سنة ال”قحط” قرابة ال1868م؟! حدثت هجرات جماعية للقبائل العربية إلى بلدان مجاورة مثل فارس و غيرها بحثاً عن الرزق!

و إذا أردنا أن نعيش في مجتمع مدني يجب أن نعترف بنقطتين:

  • أننا يجب أن نتقبل الجميع.

  • أن الدولة لم تقم بمجهود فئة معينة.

ويمكن تقنين التجنيس أكثر حتى يكون موافق للدستور القطري الدائم, وهو أن يكون المجنس يتكلم العربية و يدين بالإسلام, حتى لا نفتح الباب لكل من عاش على هذا الوطن.

ماذا سيحدث لو طبقنا الحلول؟

سيحدث الكثير, لو زاد عدد القطريين مئة ألف فقط, سترتفع نسبة القطريين مقارنة بعدد السكان الكلي من 15,8 إلى 21%, وفي استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011-2016, أن عدد السكان في دولة قطر عام 2030 سيتراوح مابين 2,2 مليون إلى 2,8 مليون, وإذا بقي الحال على ماهو عليه بالثبات في معدل نمو القطريين فإن نسبة القطريين في عام 2030 سيكون قرابة ال10,7% وهذا خطر جداً, ولو فطرنا أنه في كل عشر سنوات يتم زيادة القطريين مئة ألف فإن عددنا في عام 2030 سيكون قرابة ال470 ألف نسمة, وهذا سيرفع النسبة المؤية من 10,7% إلى 16,8% تقريباً, ولو استمرت الزيادة في عدد المواطنين بهذه النسبة فإنه بحلول عام 2065 سيكون عدد المواطنين تقريباً 800 ألف وما نسبته قرابة 30% من عدد السكان الإجمالي, هذا إذا وضعنا بعين الاعتبار أن نسبة زيادة العمالة الوافدة ستقل أو تثبت على ماهي عليه أو يتم زيادة نسبة ترحيل العمالة الوافدة, ولعل العمالة الوافدة تنقسم إلى عدة أقسام, ولكن ما أريد التركيز عليه هي عمالة الرفاهية- إن صحت التسمية- يجب التفكير جدياً في التقليل منهم وهم على سبيل المثال لا الحصر:

  • عمال محطات الوقود, في كثير من دول العالم يقوم السائق بتعبئة سيارته بالبنزين بنفسه, أما في هذه المنطقة من العالم فإننا نستهلك عدد لا يستهان به فقط لتعبئة البنزين, وظيفة سهلة للغاية يستطيع طفل في الإعدادية القيام بها.

  • خادمات وسائقي المنازل, هل فعلاً نحتاج لهذا العدد الهائل من الخدم؟ في منزلي فقط هناك أربعة خادمات, واتساءل عن من يوفق حجم منزله منزلنا و أيضاً مستواه المادي مستوانا! يجب تقنين عملية الخدم, المسألة أصبحت وكأنها شربة ماء, يجب أن تسن القوانين الضرورية للحدد من العدد الهائل من الخدم و السائقين.

  • اتمنى سن قانون من وزارة التجارة بالتعاون مع العمل, أن يكون عدد العاملين في البقالات و “السوبرماركات” مرتبط بحجم المحل, أحد المجمعات التموينية عدد العاملين فيه أكثر من عدد الزبائن, يجب أن نتعلم أننا لا نحتاج هذا العدد الهائل منهم, لا يوجد عيب في أن أنزل من السيارة و أخذ حاجياتي بنفسي, في المملكة المتحدة, العاملون في مثل هذه الأماكن فقط المحاسبون, و قلة قليل لمساعدتك في إيجاد مكان البضاعة التي تحتاجها, ولكن الوضع هنا جداً مختلف, قمة الرفاهية في أن يحمل بضاعتك عامل من الرف إلى سيارتك!

في النهاية لا أريد أن نكون كغثاء السيل, كثرتنا لا فائدة منها, هذا المقال تناول مشكلة معينة, و من غير تعاون الجهات التربوية, التعليمية, الصحية و غيرها فلن يكون هناك المواطن الكفؤ, القادر على رفعة هذا الوطن.

هذه كانت خواطر مواطن طويلة نوعاً ما, وكلها كانت بسبب المؤتمر الذي لم يكن فيه سوى أربعة قطريين من أصل مئات الأجانب!

والله ولي التوفيق, وأدام الله لنا قطر الآمنة المطمئنة.

حمد

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا ننتقد .. والحكومة لا تسمعنا؟!

الجواب البسيط المباشر هو: لأننا لا نعرف ننتقد, و كل الذي نفعله هو “التحلطم”.

الجواب الطويل:

لم أكن قارئاً للمقالات التي تطرح في الصحف المحلية قبل تويتر و الفيس بوك, و لهذا لما أكن مطلعاً على كتابنا و أفكارهم و طريقة نقدهم. وبعد هذه المواقع تابعت كثيراً منهم, و شدني كثير منهم لمتابعة ما يطرحونه في الصحف المحلية من أفكار و انتقادات بنوايا طيبة تريد الإصلاح.

ولكن لماذا لا تُسمع هذه الانتقادات؟!

أظن بأن السبب الرئيسي هو عدم معرفة كيفية طريقة النقد البناء, وشبه إنعدام ثقافة التفكير الناقد, وهذا ما يجعل النقد و ال”تحلطم” في مجتمعنا واحد و لا يفرق بينهما الكثير. النقد سلاح قوي جداً في تقييم أي موضوع ومشروع, ولهذا مثلما يكون هناك نقد بناء فهناك نقد هدام, و المطلع على المجتمعات التي تتمتع بحرية صحافية عالية, يرى كيفية استخدام المجتمع لهذا السلاح بطريقة تخدم توجهاتهم سواء توجهات شخصية أو عامة.

كيف نجعل الحكومة تسمع انتقاداتنا؟

أولاً يجب أن نزرع في المجتمع أن النقد ليس أمراً سيئاً بتاتاً, وأن نفرق بين الشعرة التي تفصل بين النقد و “التحلطم”. لنتخيل أن الحكومة شخص عادي أو صديق مقرب لك, هل تظن أن هذا الشخص سيسمع نصيحتك عندما تكون هجوم لاذع لا حلول فيه؟ أم أن الكلمة الطيبة و المعاملة الحسنة ستجعله يتقبل نصيحتك بشكل أفضل؟ أترك لك الجواب. و أضف إلى ذلك أننا نفتقد للإحترافية في النقد, فلا نستخدم إحصائيات و أرقام و حقائق إلا ما ندر, كن محترفاً حتى تؤثر في الناس.

ثانياً يجب أن نفهم أن النقد ليس الحل الوحيد والمثالي لمشاكلنا, في كتابه الشهير جداً جداً “كيف تكسب الأصداقاء و تؤثر في الناس” كتب ديل كارنيجي في الفصل الأول: لا تنتقد, وجه الشخص للفعل بدلاً من أن تنتقده. مثال:

جاسم درجاتك سيئة و هذا بسبب إهمالك و عدم تنظيمك.

– جاسم تستطيع أن تأخذ درجات أعلى بالإهتمام في دروسك و تنظيم جدول دراستك.

المثال الأول هو مجرد تشخيص مشكلة, بطريقة سلبية, و لأنها سلبية فبطبيعة الحال سيستقبلها المتلقي بسلبية. أما المثال الثاني هو تشخيص لمشكلة و إيجاد لحلول, و هذا ما أظن أننا نفتقده من كتابنا المحليين و أيضاً الأخوة و الأخوات في تويتر, و أنا أولهم. الطريقة التي يقترحها ديل كارنيجي وأعطى أمثلة كثيرة عليها و بَيَن كيفية تأثر الناس بها, لأن المُنتَقد سيشعر بحالة هجوم مما يدفعه للدفاع عن نفسه دون أخذ النقد على محمل الأهمية الذاتية, وهذه نقطة يجب أن ينتبه لها الجميع, سواء في الصحافة أم في الحياة العامة.

ثالثاً كن صديقاً لا عدواً, مشكلتنا في النقد و تقبل النقد هي من طرفان من الشعب ومن الحكومة, أن الناقد يظن أنه أصبح بطلاً قومياً بحكم من يصفق له على جرأته, و الحكومة تبعد الناقد فيكون في دائرة المعارضة غير المرئية. وبهذا لا الكاتب استفاد و لا الحكومة استفادت.

ماذا أريد من هذا المقال؟

أريد أن يصلح حالنا, فنحن مازلنا دولة صغيرة في العمر مقارنة بباقي الدول, و عندما أقول دولة صغيرة في العمر فأنا أقصد دولة فعلية لها حكومتها المستقلة والقوية, وكلنا ثقة أننا نستطيع أن نناطح كبار الدول بأفعالنا, عندما تتحد إرادة الحكومة بإرادة الشعب تصبح القوة قوتان !

نستطيع أن ننتقد إلى الغد, ولكن كيفية أن نبني بالنقد هذا موضوع صعب جداً, والكلمة المشهور للأمير تشارلز “نبني في سنوات, ونهدم في طرفة عين” تتجسد كثيراً في حياتنا اليومية, يمكننا تجنب مشكلة الهدم بطريقتين:

– أن يثقف النقاد أنفسهم ويتم الاستفادة من مدارس النقد المشهورة, ولا بأس من القراءة في هذا الفن و طرق التأثير الصحيحة, وأيضاً الإطلاع على طرق التخطيط حتى يستطيعوا طرح حلول للمشاكل المعروضة.

– أن تأخذ الحكومة بيد الناقد الهدام و تدعمه في أن يتطور بطريقة نقده, حتى تعم الفائدة للجميع. وأظن أن قصة الشاعر علي بن الجهم مع المتوكل مثال جيد لما أريد أن أقوله, فالناقد يريد الخير, ولكنه لا يمتلك الخارطة الإدراكية للنقد البناء.

خاص:

هذا المقال لا ينطبق على الجميع, ولكنه قد يكون!

اتمنى للجميع سعة الصدور, وترك القول المبتور, و تجارة صالحة بين الشعب والحكومة لا تبور.

والله ولي التوفيق.

 

حمداتوف

بسم الله الرحمن الرحيم 

سيخوض أخوتي الصغار تجربة الغربة، و هي تجربة لا بد من أن يخرجوا من رحمها و هم شبان بالغون لا أطفال رضع، فرحم الغربة عجيب غريب يُصير المرء على غير ما كان عليه. هي مجرد نصائح من طفل وُلد شاباً في رحم الغربة. 

(١)
في الغربة يكون الوطن المضيف بويضة و أنت السائل المنوي، إما أن ينجح غيرك في الاستفادة منها، و إما أن تفوز بها. فإذا فزت بها أتمنى أن يستمر طور التكوين بنجاح، و أن لا تُجهَض في منتصف الطريق. تعلمنا أن الجنين يمكث تسعة أشهر في رحم أمه، و أنت ستمكث أربعة سنوات في رحم الغربة، اسأل الله أن ترجع لنا صحيحاً معافى، و أن لا تشوهك التجربة التي ستخوضها. 

(2)
سمعت من أحدهم بأنه قال: المال في الغربة وطن.  و قد صدق والله في ما قاله و قد من الله عليك بمال لن تحتاجه كله (عن تجربة) فلا تكن من المبذرين، و لا المسرفين، و كن من الذين إذا أنفقوا أحسنوا، و إذا أمسكوا لم يبخلوا. المال في الغربة صديق، إما أن يدخلك الجنة، و إما أن يوردك النار. كن مع المال كمن يعلم بأنه لن يبقى معه شيء في الغد، و كن كمن يعلم بأن معه كل شيء، في الغربة أخرج المال من قلبك و أجعله في يدك !

(3)
 مبروك عليك الجواز الدبلوماسي المعنوي الذي خولك في أن تكون سفيراً لنفسك، لعائلتك، لبلدك و الأكبر من ذلك و أهم منه أنك سفيراً لدينك. أرجوك كن خير مرآة لهذه الجهات. 

(4)
ستذهب هناك وستعلم بأنك لست المسلم الوحيد في هذه البلاد، لذلك لا يأخذك الكبر و تنظر لهم نظرة المتعالي القادم من الجزيرة العربية، مهد الرسالة و أرض الصحابة ! ستعلم بأن الإسلام واسع جداً يشمل الجميع. سيفتح الله أبواباً لك، أبواباً تدلك على خارطة الطريق إلى الله بطرق تختلف عما تعلمته في وطنك. خضها و أعلم بأنك إذا صدقت مع الله في الوصول إليه فإنه سيزرع الورد و البساتين في قلبك. ألست مغترب ؟ أليست أمك من حبها لك لا تبخل في الدعاء لك؟ هل ستبخل أمك في أن تحضنك بحب و حنان عند عودتك لها ؟ الله خير من أمهاتنا في تعامله معنا، فلك أن تتخيل مقدار رعايته لك هناك. 

(5)
تعلمت من الغربة أن أصحاب المبادئ هم الفائزون حتى لو خسروا ! لا تجعل الغربة تلين مبادئك، كن صاحب قيم و لا بأس من نشرها إذا لم تدخلك في متاعب، فكثير من الناس يظنون بأن العالم يجب عليه أن يتبع مبادئه و “حامض على شفتيه” أن يحدث هذا ! في الغربة ستعلم بأن هناك مبادئ خاطئة لديك، فبادر بمعالجتها و بدلها، لا بأس من تبدليها فأنت لا تعيش لوحدك، أنت نقطة صغيرة من ضمن سبعة مليارات نقطة تكملون بعضكم بعضاً. أنت تعيش وفق منهج حياة اسمه الإسلام، و مرتبط بعادات و تقاليد من بيئة صحراوية جافة في التعامل و ممطرة في العطاء. لا تكن من غير مبدأ، حتى تعيش. 

(6)
الغربة هي مصفاة الروح، فلا تخف إذا وجدت نفسك فجأة وحيداً ! في الحقيقة أنت لست وحيداً في هذا الرحم، ألم تقل عندما ركبت الطائرة (اللهم أنت الصاحب في السفر) ؟ لن يتركك الله مادمت لم تتركه، هو الغني و أنت من يحتاجه. و لأنك تحتاجه يجب أن تقرأ فالقراءة غذاء الروح و العقل، و أعلم أن الغربة ستعطيك متسعاً كبيراً من الوقت، فكن خير من يطبق (اقرأ) و كن غزيراً في القراءة و المطالعة، و لا تكن من من يضيع وقته في أمور لن تغنيه شيئاً، و في الحقيقة هناك كثير من الشباب يضيع وقته في أمور تافهة، و التفاهة لن تخرج لك عالماً مثقفاً، ففي النهاية “كل إناء بما فيه ينضح”. 

(7)
بالرغم من تحفظي على سياسة الابتعاث التي نتبعها إلا أني متفائل في أن يخرج منها من هو مختلف. الوطن يحتاجك و أنت مقبل على دولة صاحبة حضارة عظيمة و تسبق بلدك بأشواط كثيرة، لهذا كن كالعين المدققة، استورد منها القيم الحسنة و الأفكار الجميلة و حاول أن تجلبها لبلدك، و إلا ما فائدة الغربة إذا لم تحسن وضعنا العام ؟

و أخيراً أعلم بأن هذه الثرثرة قد لا تفيدكم في شيء لكن يشهد ربي بأني كتبتها بحب، بحب لكم لدرجة أن عيني فاضت !
اسأل الله لكم التوفيق و السداد، و أن يحفظكم أين ما كنتم. 

فلسفة الابتعاث 

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 منذ مدة ليست بقصيرة و أنا أفكر كثيراً في طريقة الابتعاث التي تقوم بها حكومتنا الرشيدة من خلال هيئة التعليم العالي، أو الشركات الشبه الحكومية أو الخاصة أو غيرها. 

سبب اهتمامي في الموضوع هو أني خضت تجربة الابتعاث، و الحمدلله الذي وفقني من الانتهاء منها بشهادة هندسة ميكانيكية خولتني أن أصعد درجة في السلم الاجتماعي، بل في الحقيقة درجتين، درجة للشهادة الجامعية، و درجة لتجربة الغربة. 

عندما بدأت في العمل في الشركة المتميزة رأس غاز، احتككت بطلاب الابتعاث الداخلي والذين يمثلون المدينة التعليمية و طلاب جامعة قطر، و هذا ما جعلني أفكر في التجربة التي خضتها و خاضها و سيخوضها مئات غيري. تجربة الابتعاث الخارجي. 

كما هو معلوم أن دولة قطر تولي اهتماماً في الاستثمار البشري يفوق كثيراً دول الجوار، و لكن هذه الاهتمام يحتاج إلى توجيه، و التوجيه لابد أن يأتي مِن مَن خاض هذه التجربة. 

دعوني أحدثكم عن شخصية قرأت عنها خاضت نفس التجربة التي خضتها، و أصبحت ملهماً بها لأنها غيرت مستقبل دولة عظيمة صناعياً. هذه الشخصية اليابانية الملهمة هي تاكيو أوساهيرا، الرجل الذي أبتعثه البلاط الأمبراطوري إلى ألمانيا لتعلم صناعة محركات السيارات، عندما قرأت التجربة التي خاضها هذا الرجل في ألمانيا، علمت بأني لم أخض نفس التجربة بتاتاً و إنما ذهبت للتنزه و العودة بشهادة !و كأن لسان حال تجربته يقول لتجربتي ما قاله ابن المبارك للفضل بن عياض (يا عابد الحرمين لو أبصرتنا …. لعلمت أنك في العبادة تلعب) فعلاً لا أمزح، و السبب يعود إلى أنه كان هناك سباب وراء ذهاب هذا الرجل إلى هناك، كان هناك هدف من الابتعاث، و هو فتح باب جديد لسوق العمل، لا سد فراغ السوق ! 

و بالفعل تمكن تاكيو من إحراز الغاية التي من أجلها ترك أهله و وطنه، و من أجلها صُرفت عليها مبالغ كبيرة. وأضف إلى ذلك أنه لم يوافق على طلب مقابلة الإمبراطور له إلا بعد أن صنع ستة محركات، وجاء بها إلى قصره ليسمعه أجمل موسيقى استمع إليها الإمبراطور. سمفونية المحركات. 

لماذا نقوم بإبتعاث الطلبة ؟ ما الغاية المرجوة من أن تصرف الملايين على الشباب؟ ما الذي نريده من الشباب المبتعث عندما يعود؟ ماذا نريده أن يستورد و ماذا نريده أن يصدر؟ نعم الابتعاث هو استثمار بشري، لكنه غير فعّال بالطريقة التي نقوم بها. و عندما أقول أنه غير فعّال أكون قد قارنت بين طلبة جامعة قطر و بين أي طالب مبتعث سواء في الخارج أو في المدينة التعليمية. طلاب جامعة قطر لا يختلفون عنا! نعم و هذه الحقيقة صدمتني، بل قد يتفوقون علينا أكاديمياً و فنياً. كنت أظن بأنني سأكون “باشا” على العقل الوضيع الذي تخرج من جامعة “قهر” (مع إحترامي لهم جميعاً) إلا أنهم أحرجونا و أحرجوا مسؤولينا بكفاءتهم الفذة.

أظن بأن فلسفة الابتعاث التي نقوم بها في دولة قطر هي فلسفة المعلبات كما يحلو لي أن أسميها، فنحن نقوم بابتعاث الطلاب ليأتوا لنا كمعلبات مهندسين، أو محاسبين، أو قانونيين و هلم جرى. و كل هذا لتغطية حاجة سوق العمل للتقطير، و حاجة سوق العمل هي التي كما أسميها الكذبة التي أنطلت علينا نحن الطلاب. نحن القطريين لن نسد حاجة سوق العمل، فعندما ننظر إلى التركيبة السكانية و حاجة سوق العمل, من غير المنطقي أن نطالب ابناء البلد بأن يسدوا هذا الجوع، فنسبة القطريين من القوى العاملة هي ٦،٤٪ و هذا يعني أننا قيمة لا تذكر في سوق العمل، و الحقائق غالباً مُرة ! 

حسناً ما الذي أريد أن أصل إليه؟ أعلم جيداً بأن أي مشروع ناجح هو مشروع سبقه تخطيط ناجح قائم على هدف واضح، إلا أن يمشي بالبركة ! أريد أن أعرف ما هو المشروع الذي نريد من المبتعثين أن يتولوه عند قدومهم ؟ عندما عدت من من بريطانيا متخرجاً و عملت في شركة رأس غاز، لم أستفد كثيراً من المواد الأكاديمية التي درستها في الجامعة، و السبب يعود إلى أن المنهج الذي درسته كان يركز على ميكانيكية السيارات بإختلاف ما هو في الواقع القطري و هو مجال النفط و الغاز، فهل سددت حاجة السوق و أنا متخرج من مجال لا علاقة له به؟ خذ هذا  المثال الذي أريده أن يكون مفهوماً للإبتعاث: مشروع برزان لإنتاج الغاز هو مشروع مستقبلي سينتهي سنة ٢٠١٤ بإذن الله تعالى، و سيكون لإنتاج الغاز في الداخل مما يعني زيادة وفرة الطاقة الداخلية لقطر، قامت مؤسسة قطر للبترول بالتعاون مع الشركات التابعة لها بإبتعاث مجموعة من الموظفين إلى اليابان لتعلم كيفية بناء هذا المشروع من الصفر. و بإذن الله سيعودون و هم أكفاء لهذا المشروع الضخم الجميل. 

ما هو المشروع الذي نخطط لبناءه حتى نبعث الطلاب بهذه الصورة؟ أم أن ابتعاثنا لهم قائم على عشوائية ؟ 

اتمنى مراجعة أنفسنا، اتمنى إعادة صياغة الفلسفة القطرية من وراء الابتعاث، و أخيراً، اتمنى أن يخرج من بين أظهرنا تاكيو أوساهيرا ومن هو أفضل منه.

والله ولي التوفيق.