Feeds:
Posts
Comments

Archive for November, 2010

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

ملايين البشر تنتظر بفارق الصبر يوم الخميس الموافق 2/12/2010، قرار الفيفا الذي سيكشف الستار عن الدول المستضيفة لكأس العالم 2018 و 2022. و لأن قطر هي إحدى الدول المرشحة لإستضافة البطولة في 2022 فالموضوع يهم كل قطري سواء معارض أو داعم، الجميع سواء في انتظار نتائج التصويت و لكن الفارق في الإشارة الكهربائية التي يحملونها بين الإيجاب و السلب. لن أطيل الحديث، و سأحاول التحدث عن الموضوع بموضوعية، و لأضرب عصفورين بحجر فأنا عندي واجب جامعي في الأخلاق العامة للمهندس، المطلوب كتابة تقرير من 1500 كلمة عن موضوعية المهندس في اتخاذ القرار، ولعلني اتدرب هنا قليلاً ! على العموم، قبل أن ابدأ في الكتابة بحثت في صديق الملايين قوقل، و كانت صيغة البحث -بالإنجليزي طبعاً، بحكم قلة حدوث مثل هذه المناسبات في الدول العربية، و إن حدثت فهي لا تُدرس !- “هل الأحداث الكبيرة تأثر في قيم المجتمع ؟”. و الحمدلله الذي هداني لورقة خرجت من مؤتمر عقد في عام 2008 يدرس الحالة التي ستكون عليها دولة جنوب افريقيا خلال كأس العالم 2010، وقبل الشروع في عرض نقاط المؤتمر يجب التنبيه على أن ما نجح أو فشل في جنوب افريقيا ليس واجباً عليه أن يكون ناجحاً أو فاشلاً في قطر الحبيبة. و أرجوا أن تعذروني لأني مضطر لأن اقتل النقاط المطروحة في المؤتمر بالاختصار، و لمن أراد المزيد فيمكنه أن يرجع للملف متى أراد.
لا يخفى على عاقل بأن الأحداث الكبيرة و خصوصاً الرياضية تعود بعائد مادي للمنطقة المنظمة، و هذا ما خرج به المؤتمر بأن كأس العالم سيجعل من الاقتصاد الجنوب إفريقي يرتقي في سلم الصعود، و بالقياس على قطر فإنه مما لا شك فيه بأن الوضع الإقتصادي سيتحسن إن لم يكن على المدى القريب، فهو على البعيد. فبطبيعة الحال العين في الغرب تركز على الإستثمار الخليجي، و هذا سيجعل صراع الشركات الغربية في عرض مناقصاتها للدولة محتدماً، و التي ستؤدي إلى نتيجة جيدة في إنشاء بنية تحتية قوية تساعد الدولة على استضافة البطولة بأريحية، و ستعود بالنفع على الدولة (الشعب) من خلال تطوير البنى الرئيسية و الفرعية و بطبيعة الحال ستبقى هذه البنى بعد البطولة !
لعل أكبر مشكلة كانت تواجه جنوب أفريقيا هي تطوير المستوى الصحي، فدولة مثل جنوب أفريقيا عدد المصابين بالإيدز فيها يقارب ال 5.6 مليون شخص، و بهذا الرقم تتصدر قائمة أكثر الدول المصابة بالإيدز، و عدد وفيات هذا المرض سنوياً ما يقارب ال310 ألف شخص ! أرقام مرعبة جداً مقارنة بدولة سوف تستضيف كأس العالم، دولة سوف تستقطب 450 ألف مشجع تقريباً ! بحثت في قوقل و لم أجد شيئاً يوحي بأن كأس العالم له دخل مباشر في تحسين الوضع الصحي في جنوب افريقيا. إلا أن هناك إحصائيات تبين أن هناك حملات توعية للمواطنين بدأت سنة 2002، و سجلت تحسناً في الثقافة الجنسية عند كثير من المواطنين، خصوصاً بعد سنة 2004 وهي السنة التي تم الإعلان فيها عن تنظيم جنوب افريقيا لكأس العالم 2010، فقد قفزت نسبة المواطنين اللذين يستخدمون الواقي من 27% في 2002 إلى 67% في 2006 . السؤال الآن ما الذي قد يحدث داخل قطر ؟ في ورقة المؤتمر كان هناك عنوان وهو “الجنس و كرة القدم يأتيان معاً” و هذا شيء طبيعي، فبطولة مثل كأس العالم تجتمع فيها الأجناس من كل حدب و صوب لابد أن يكون فيها تجاوزات، و خصوصاً عندما يكون أكثر المشجعين أصحاب قيم و مبادئ يكون فيها الجنس لديهم جزء من الحياة الإجتماعية. لا أذكر من خلال متابعتي المتواضعة لملف قطر أن قطر قد ذكرت تحسيناً في المستوى الصحي، و هل ستكون هناك منشآت صحية رئيسية أخرى أم أنه سيكون هناك توسعة لمستشفى حمد العام ؟! فأنا لا اتوقع أن نعاني من الجانب الجنسي كما عانت منه جنوب افريقيا بحكم الدين و العادات و التقاليد، و لكن قد نعاني من مشاكل أخرى و تبعات صحية أخرى ! هل قطر مستعدة من الناحية الصحية أو لديها خطة لتحسين الوضع الصحي ؟ من لديه جواب فليخبرني مشكوراً.
المؤتمر بحكم عقليات المتحدثين فيه، لم يتطرقوا للأمور الأخلاقية، و لم أجد شيئاً في محرك البحث (بالأحرى لم أجتهد كثيراً) يتكلم عن دور المناسبات الكبيرة في التأثير على المستوى الأخلاقي للمجتمعات، و لعل هذه النقطة هي التي يدور حولها المعارضون، أما الداعمون فإن البطولات الكبيرة تحقق لهم عوائد اقتصادية، سياسية، و أمور أخرى. في الحقيقة أنا كنت اعارض و بشدة فكرة وجود كأس العالم في قطر ! و لعلني كنت “مع الخيل يا شقرا” و لكني أصبحت في المنطقة الرمادية عندما قارنت بين موجة الخوف التي تجتاح المحافظين (المعارضين) و الشوق التي تجتاح الديموقراطيين (الداعمين) هذا لو تم تصنيفهم ! الطرفان لهم وجهات نظر تستحق الاحترام، ولكن لو تم النظر في الآراء فإن كفة الميزان ستميل للداعمين، فهم عندهم الإحصائيات و الدراسات و أيضاً التأثير الإعلامي بأن البطولة ستنجح بكل المقاييس، أما المعارضين فالآراء لا تقف على أرض صلبة، هي مجرد توقعات بما سيحدث. قطر سوف تفتح الكحول للعامة، و أيضاً ستقوم بالتطبيع مع إسرائيل، الجنس سيصبح في كل مكان و سيكون في الأماكن العامة ! و لكن الا ترون بأن هناك مبالغة قليلة في الخوف ؟ و بأن هذه الأمور هي فعلاً موجوده في مجتمعنا ؟ (بطريقة مختلفة نوعاً ما طبعاً) و كأنني أعيش في سنة 1999عندما كنا نتوقع أحداث خيالية في سنة 2000 ! و لم يتغير شيء في تلك السنة، نمنا و نحن ضعاف في آخر ليلة من الألفية و استيقظنا ضعافاً في الليلة الأولى من الألفية الجديدة !
سأفرح في الحالتين، سأفرح عندما تستضيف قطر كأس العالم 2022، لأنني سأعرف مالذي ينتظرني في المستقبل، سيكون واضحاً عندي توجه الدولة خلال السنوات القادمة، لن ليكون المستقبل مبهماً فهناك بطولة كبرى تنتظرنا في الغد. سأفرح عندما نخسر الاستضافة، فأنا أعلم بأنه سيكون خيراً بإذن الله ( و في الحالتين خير إن شاء الله )
أظن بأن المعارضين يجب أن يفتحوا عقولهم حتى يتمكنوا من الاستفادة من هذا الحدث، لعلهم بحفاظهم بالقيم التي يخشون كسادها، يظهرون صورة جميلة للغرب الذي سيكون متواجداً في كل زاوية من زوايا قطر، ليعملوا على إظهار صورة حسنة غير تلك التي نراها في الأفلام ! قطر في نهاية الأمر هي صحراء في نظرهم. و الداعمين لهذه البطولة يجب أن لا يعميهم هذا الحدث عن السلبيات التي قد تنتج منه، فكل فعل جميل قد تكون له ردة فعل قبيحة.
اللهم اكتبها من نصبينا إن كانت خيراً لنا، و ابعدها عنا إن كانت ستضر بنا.
الأرجنتين و البرازيل يلعبون في الخور !! على حله ; )” ٠٠”

 

 

(بعد قرائتي للتدوينة أظن بأني فشلت في الموضوعية !)

حمداتوف

Read Full Post »

تأملات قرآنية (١)

السلام عليكم ورحمة الله  و بركاته

في المرحلة الابتدائية و في الغالب في الصف الثاني، تعرفت على حقيقة أن للإنسان حواس خمس، و عشت بهذه الحقيقة إلى أن تأملت قوله تعالى (قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) الملك (23)، فسألت نفسي لماذا خص الله تعالى هاتين الحاستين ؟ و هل الفؤاد مرتبط بهما ؟ و الفؤاد عرفه كثير من المفسرين بأنه القلب، فمن خلال الآية يتبين لنا أن القلب أيضاً حاسة و ما أجملها من حاسة.
نسيت التساؤل، و مضت بي الأيام حتى مرت بي آية أخرى (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة النحل(78). علمت بأن هناك أكثر من آية تتحدث عن هذه الحواس، لكن ما هو السبب الذي جعل خالقنا يكرر لنا هذه الحواس الثلاث، و يربطها بالشكر ؟ و كأن اليدان و الفم و الحواس الباقية ليسوا سواء مع هؤلاء. من سيقرأ في القرآن أو يبحث عن هاتين الآيتين سيجد أكثر من موضع في القرآن ذكر هذه الحواس، وسيتبين له أن الموضوع يجب أن يؤخذ على محمل الجد، و أن لا تكن هذه الآيات مجرد قرآن مجرده من المعاني ! و كأن خالق هذا الجسد يعلم بأن القوة تكمن في ثلاث، تتمحور  حول السمع و البصر و الفؤاد. عند التأمل في عظماء تنقصهم بعض الأعضاء الفيزيائية في التاريخ، نجد بأن كثيرأ منهم لا أقدام له أو أيد، و لكن خلدوا في التاريخ، نعم هي يا الله نعمة السمع و البصر و الفؤاد، و الفؤاد (القلب) يعقل كما سيأتي لاحقاً، و قد تكلم كثير من الفلاسفة من المسلمين كأبي حامد الغزالي و غيره من الغربين حول الفرق بين القلب و العقل، و كثير منهم قال بأنهم جزء واحد القلب هو العقل و العقل هو القلب.
عندما أرى ستيفن هوكينغ الذي يحمل عبقرية في علوم الفيزياء تكاد لا تختلف عن ماهي عليه عند آينشتاين، أعلم بأن هذا العالم المقعد لا يحتاج لأيدٍ و أرجل حتى يبهر العالم بنظرياته، و فلسفاته الفيزيائية، هو فقط استخدم قلباً، و أذناً و عيناً.  و الأمثلة كثيرة للعظماء  !
هنا مثال معاصر وحتى لا نغادر في طيات التاريخ بعيداً و عندنا من يعيش معنا و كأن الله أظهره لنا تفسيراً لهذه الآية، الملهم الذي يبكي جماهيره بقوله لهم “لا تستلموا” الرجل  الذي لم يسلم نفسه للظروف التي نشأت معه، الظروف التي إن أصابت أحدنا أطاحت به من غير أن تبالي. نيك فويجتش الذي  ولد من غير أطراف، لا نقل واحدة و تبقى معه ثلاث، أو اثنتان و بقي اثنتين، كلا  الوضع أصعب من هذا، فويجتش الرجل الذي تأقلم مع ظروفه القاهرة و كأنها هبة من الله، و في الحقيقة هي كذلك. عندما ترى هذا الرجل تدرك بأن السمع و البصر و الفؤاد حواس كافية لتجعلك عظيماً، كافية جداً لكي لا تستظل ببيت الحطيئة (الطاعم الكاسي). ولأنه شكر الله جزاه الله بأن جعل منه هذه الشخصية البطلة ! فما بالنا ونحن نتمتع بمزايا حسية أكثر منه ؟!
الله سبحانه، يأخذ و أخذه عطاء، فمن هي هيلين كيلر لو كانت تتمتع بجميع حواسها ؟ أو من هو فويجتش لو أنه يمشي و يمسك الآيس كريم بيده ؟
الله سبحانه، يعطي و العطاء يجب أن يقابله الشكر. عندما نقرأ قليلاً ما تشكرون، فعلاً قليلاً هو شكرنا لله، سواء لفظاً أو فعلاً.
حسناً ماذا نقول في من فقد البصر ؟! لا تقل شيئاً و لكن اقرأ هذه الآية (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج (46) يا حبيبي هنا الخالق يقول لك إنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور، المشكلة أعمق من فقد البصر فهناك ما يسمى بالبصيرة ! البصيرة التي ترى بها و تعقل بها، البصيرة التي جعلت من مهند أبو دية مخترع عربي في زمن نستهلك فيه أكثر من أن ننتج ! فيأتي هذا البطل الذي كان يتمتع بجميع حواسه، فيصاب بحادث و يفقد بصره و ساقه اليمنى، و لكنه شكر الله بأن  ابقى عنده السمع و الفؤاد، فأعطاه الله من فضله بإنارة بصيرته !
مع حق الله أن يعاتبنا ب(قليلاً ما تشكرون)، من حقه تعالى أن يجردنا من القدرة و ينسبها له، و يتمنن علينا بأن زادنا من فضله (ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) المؤمنون (78) فهو خالقنا، ورازقنا، فله الحمد و الثناء.
عزيزي، انظر لنفسك و افهم بأن هذه الحواس تنتظر من يشكر الله عليها، و الشكر يأتي بالعمل، (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ (13).
الموضوع اعمق من ما ذكرت بكثير، و عقلي القاصر يخولني لأن اقف هنا. اسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره و حسن عبادته، و أن ينور بصيرتنا و يزيدنا من فضله و نسأله بكرمه و رحمته أن يجعلنا من الشاكرين.

حمداتوف

Read Full Post »

ضياع المفاهيم

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

يقال بأن العرب اعتبرت أقوى بيت في الهجاء هو بيت الحطيئة للصحابي الزبرقان، و الزبرقان بن بدر التيمي هو صحابي عمل للنبي صلى الله عليه و سلم و أبو بكر و عمر في جمع زكاة مال قومه. و جاءه الحطيئة مرة فقال له : دع المكارم لا ترحل لبغيتها == و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي. اشتكى الزبرقان لعمر بن الخطاب هذا الهجاء، و استشار أمير المؤمنين الشاعر الصحابي حسان بن ثابت و سأله : أهجاه، قال حسان : نعم و “سلح” عليه ! فحبس عمر بن الخطاب الحيطئة ثلاثة شهور.
سألت نفسي و ما في هذا البيت حتى يكون للحطيئة هذا الجزاء، و لماذا اعدته العرب أقوى بيت في الهجاء، فهناك من الأبيات ما قامات بسببها معارك ؟! و كان النقاش جميلاً جداً مع أخي و حبيبي أحمد الملا (أبو يوسف)، يبدو أن المشكل الكبير الذي وقعت فيه أنا هو الغرق في ضياع المفاهيم، فعندما قال عمر للزبرقان : ما أسمع هجاءاً في هذا البيت، رد الزبرقان غضباً و تعجباً: أولا تبلغ مروءتي إلا أن اقعد أكل و ألبس ! يبدو أن طموح الزبرقان رضوان الله عليه كان أبلغ و أعمق من أن نستوعبه نحن، و يبدو أن الحطيئة كان ذكياً بما فيه الكفاية ليلعب على هذا الوتر. كم منا رضخ لهذا البيت رضوخاً تاماً ؟! فأصبح هو الطاعم الكاسي و أمور أخرى ! أصبح طموحه لا يتعدى رأسه هذا إذا ارتفع للرأس و لم يبقى في أماكن أخرى ! أصبحنا نعيش في واقع متضارب بين القيم و المفاهيم، بل أصبحت دلالات الكلمات هي ما يقود العالم، أصبحنا “العالم الثالث” و بقينا في هذا العالم ! أمسينا دول “مستهلكة” و قمنا صباحاً و مازال المفهوم هو نفسه موجود، مستهلكون ! لم نعد نملك مرؤة الزبرقان، اصلاً نملك تعريف المروءة ؟
تسائلت في تويتر “هل مقاطعة ستار بكس و غيره حل منطقي ؟” (إيه المنطق ؟!) سبب التساؤل في بادئ الأمر هو رغبتي الشديدة للعودة في شرب “وايت موكا”، لكن بدت الأفكار تجر بعضها بعضاً، مالذي حققته المقاطعة ؟! سوى الكسل و الاكتفاء من عامة الناس بهذا الحل، كانت هناك بعض الردود بأننا لا نملك سوى المقاطعة و التبرع لصالح فلسطين، و لكن ألا ترون أن هذان الحلان هما ذليلان كفاية لأن يجعلانا طاعمين كاسين ؟! حلان يمكنني تنفيذهما و أنا جالس في بيتي منعم بسريري ! و لكن من كان صادقاً في المقاطعة فعليه أن يطبقها جميعها، حسناً ما أستطاع، شعرت بتقزز كبير عندما فكرت بجدية في هذا الحل، و ماذا بعد المقاطعة ؟! هل تحررت فلسطين ؟! أليس الشيء بالشيء يذكر ؟! ها هي أمريكا غزت العراق غزواً غاشماً، و اغتصبت ثرواتها أشد اغتصاب، لماذا لم تنطق شفاه بمقاطعة المنتوجات الأمريكية ؟! أم أن السيارات و الهواتف و الكمبيوترات و غيره و غيره من البضائع التي لانستغني عنها هي من صنع الإمريكان ؟. ألا ترون أن مقاطعة الدينمارك لم تحل القضية و إنما قننتها ؟! كم كانت فرصة كبيرة و قوية في أن نعرض الرسالة المحمدية بصورة جميلة في تلك الفترة، فالعقول كانت منفتحة لسماع أي شيء عن محمد الذي بسببه قامت قيامة المسلمين، و لكنها للأسف بالاكتفاء بالمقاطعة رجعت للسبات العميق بإغلاق باب المنتوجات الدينماركية، المقاطعة أصبحت هروب من الواقع، أرى منتجاً صهيونياً أو دينماركياً ابتعد عنه، و انصح بالابتعاد عنه، نقوم بحلول غير مجدية لا من قريب أو بعيد !
قد يأتي من يقول أعطنا حلولاً و بدائل، حسناً، لكن يجب أن نفهم نحن مع من نتعامل، نحن نقاوم دول و شعوب لها قيم و مبادئ نحن نفتقر لها، لنسأل أنفسنا ماذا سيحدث لو تحررت فلسطين اليوم، في هذه الساعة ؟! هل نملك ثقافة احتواء المكان بعد سلبه ؟! و خصوصاً أرض مقدسة ؟! و الله لكأني أرى التجار و السماسرة يلعبون بكل قوة في شراء الأراضي المحيطة بالمسجد الأقصى، و العجيب أن هناك “ستار بكس” في زاوية مطلة على الحرم القدسي ! كما هو الحال مع الحرم المكي !
يجب أن نعمل خطة خمسينية تظهر لنا جيل يستطيع أن يقدم لنا حلول لها تأثيرها القوي و الجدي في حل هذه القضية، دولة إسرائيل لم تصبح بهذه القوة و السلطة خلال عشية و ضحاها ! بل كانت هناك خطط استراتيجية و موتمرات و ندوات عملية، لتحكيم الواقع الذي نعيشه اليوم، الفكرة لا تحارب بالقوة، و إنما تحارب بفكرة مثلها ! يجب محاربة أفكار مقززة مقرفة، مثل ذاك الذي قال لي : لماذا نحرر فلسطين ؟! و هل تريد أن تقوم القيامة ؟!. يالله من هذه العقول ! الجيل القادم يجب أن يعي أن المقاطعة قد تكون حلاً و لكنها ليست كل الحل الذي يستطيع تقديمه، بل يجب أن تنفتح نوافذ العقل و العمل حتى نخرج بحلول أكثر منطقية و أكثر نفعاً، و حتى تخرج هذه الحلول يجب أن لانغرق في ضياع المفاهيم و  أن لا يشملنا بيت الهجاء : دع المكارم لا ترحل لبغيتها == و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.

حمداتوف

Read Full Post »