السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ملايين البشر تنتظر بفارق الصبر يوم الخميس الموافق 2/12/2010، قرار الفيفا الذي سيكشف الستار عن الدول المستضيفة لكأس العالم 2018 و 2022. و لأن قطر هي إحدى الدول المرشحة لإستضافة البطولة في 2022 فالموضوع يهم كل قطري سواء معارض أو داعم، الجميع سواء في انتظار نتائج التصويت و لكن الفارق في الإشارة الكهربائية التي يحملونها بين الإيجاب و السلب. لن أطيل الحديث، و سأحاول التحدث عن الموضوع بموضوعية، و لأضرب عصفورين بحجر فأنا عندي واجب جامعي في الأخلاق العامة للمهندس، المطلوب كتابة تقرير من 1500 كلمة عن موضوعية المهندس في اتخاذ القرار، ولعلني اتدرب هنا قليلاً ! على العموم، قبل أن ابدأ في الكتابة بحثت في صديق الملايين قوقل، و كانت صيغة البحث -بالإنجليزي طبعاً، بحكم قلة حدوث مثل هذه المناسبات في الدول العربية، و إن حدثت فهي لا تُدرس !- “هل الأحداث الكبيرة تأثر في قيم المجتمع ؟”. و الحمدلله الذي هداني لورقة خرجت من مؤتمر عقد في عام 2008 يدرس الحالة التي ستكون عليها دولة جنوب افريقيا خلال كأس العالم 2010، وقبل الشروع في عرض نقاط المؤتمر يجب التنبيه على أن ما نجح أو فشل في جنوب افريقيا ليس واجباً عليه أن يكون ناجحاً أو فاشلاً في قطر الحبيبة. و أرجوا أن تعذروني لأني مضطر لأن اقتل النقاط المطروحة في المؤتمر بالاختصار، و لمن أراد المزيد فيمكنه أن يرجع للملف متى أراد.
لا يخفى على عاقل بأن الأحداث الكبيرة و خصوصاً الرياضية تعود بعائد مادي للمنطقة المنظمة، و هذا ما خرج به المؤتمر بأن كأس العالم سيجعل من الاقتصاد الجنوب إفريقي يرتقي في سلم الصعود، و بالقياس على قطر فإنه مما لا شك فيه بأن الوضع الإقتصادي سيتحسن إن لم يكن على المدى القريب، فهو على البعيد. فبطبيعة الحال العين في الغرب تركز على الإستثمار الخليجي، و هذا سيجعل صراع الشركات الغربية في عرض مناقصاتها للدولة محتدماً، و التي ستؤدي إلى نتيجة جيدة في إنشاء بنية تحتية قوية تساعد الدولة على استضافة البطولة بأريحية، و ستعود بالنفع على الدولة (الشعب) من خلال تطوير البنى الرئيسية و الفرعية و بطبيعة الحال ستبقى هذه البنى بعد البطولة !
لعل أكبر مشكلة كانت تواجه جنوب أفريقيا هي تطوير المستوى الصحي، فدولة مثل جنوب أفريقيا عدد المصابين بالإيدز فيها يقارب ال 5.6 مليون شخص، و بهذا الرقم تتصدر قائمة أكثر الدول المصابة بالإيدز، و عدد وفيات هذا المرض سنوياً ما يقارب ال310 ألف شخص ! أرقام مرعبة جداً مقارنة بدولة سوف تستضيف كأس العالم، دولة سوف تستقطب 450 ألف مشجع تقريباً ! بحثت في قوقل و لم أجد شيئاً يوحي بأن كأس العالم له دخل مباشر في تحسين الوضع الصحي في جنوب افريقيا. إلا أن هناك إحصائيات تبين أن هناك حملات توعية للمواطنين بدأت سنة 2002، و سجلت تحسناً في الثقافة الجنسية عند كثير من المواطنين، خصوصاً بعد سنة 2004 وهي السنة التي تم الإعلان فيها عن تنظيم جنوب افريقيا لكأس العالم 2010، فقد قفزت نسبة المواطنين اللذين يستخدمون الواقي من 27% في 2002 إلى 67% في 2006 . السؤال الآن ما الذي قد يحدث داخل قطر ؟ في ورقة المؤتمر كان هناك عنوان وهو “الجنس و كرة القدم يأتيان معاً” و هذا شيء طبيعي، فبطولة مثل كأس العالم تجتمع فيها الأجناس من كل حدب و صوب لابد أن يكون فيها تجاوزات، و خصوصاً عندما يكون أكثر المشجعين أصحاب قيم و مبادئ يكون فيها الجنس لديهم جزء من الحياة الإجتماعية. لا أذكر من خلال متابعتي المتواضعة لملف قطر أن قطر قد ذكرت تحسيناً في المستوى الصحي، و هل ستكون هناك منشآت صحية رئيسية أخرى أم أنه سيكون هناك توسعة لمستشفى حمد العام ؟! فأنا لا اتوقع أن نعاني من الجانب الجنسي كما عانت منه جنوب افريقيا بحكم الدين و العادات و التقاليد، و لكن قد نعاني من مشاكل أخرى و تبعات صحية أخرى ! هل قطر مستعدة من الناحية الصحية أو لديها خطة لتحسين الوضع الصحي ؟ من لديه جواب فليخبرني مشكوراً.
المؤتمر بحكم عقليات المتحدثين فيه، لم يتطرقوا للأمور الأخلاقية، و لم أجد شيئاً في محرك البحث (بالأحرى لم أجتهد كثيراً) يتكلم عن دور المناسبات الكبيرة في التأثير على المستوى الأخلاقي للمجتمعات، و لعل هذه النقطة هي التي يدور حولها المعارضون، أما الداعمون فإن البطولات الكبيرة تحقق لهم عوائد اقتصادية، سياسية، و أمور أخرى. في الحقيقة أنا كنت اعارض و بشدة فكرة وجود كأس العالم في قطر ! و لعلني كنت “مع الخيل يا شقرا” و لكني أصبحت في المنطقة الرمادية عندما قارنت بين موجة الخوف التي تجتاح المحافظين (المعارضين) و الشوق التي تجتاح الديموقراطيين (الداعمين) هذا لو تم تصنيفهم ! الطرفان لهم وجهات نظر تستحق الاحترام، ولكن لو تم النظر في الآراء فإن كفة الميزان ستميل للداعمين، فهم عندهم الإحصائيات و الدراسات و أيضاً التأثير الإعلامي بأن البطولة ستنجح بكل المقاييس، أما المعارضين فالآراء لا تقف على أرض صلبة، هي مجرد توقعات بما سيحدث. قطر سوف تفتح الكحول للعامة، و أيضاً ستقوم بالتطبيع مع إسرائيل، الجنس سيصبح في كل مكان و سيكون في الأماكن العامة ! و لكن الا ترون بأن هناك مبالغة قليلة في الخوف ؟ و بأن هذه الأمور هي فعلاً موجوده في مجتمعنا ؟ (بطريقة مختلفة نوعاً ما طبعاً) و كأنني أعيش في سنة 1999عندما كنا نتوقع أحداث خيالية في سنة 2000 ! و لم يتغير شيء في تلك السنة، نمنا و نحن ضعاف في آخر ليلة من الألفية و استيقظنا ضعافاً في الليلة الأولى من الألفية الجديدة !
سأفرح في الحالتين، سأفرح عندما تستضيف قطر كأس العالم 2022، لأنني سأعرف مالذي ينتظرني في المستقبل، سيكون واضحاً عندي توجه الدولة خلال السنوات القادمة، لن ليكون المستقبل مبهماً فهناك بطولة كبرى تنتظرنا في الغد. سأفرح عندما نخسر الاستضافة، فأنا أعلم بأنه سيكون خيراً بإذن الله ( و في الحالتين خير إن شاء الله )
أظن بأن المعارضين يجب أن يفتحوا عقولهم حتى يتمكنوا من الاستفادة من هذا الحدث، لعلهم بحفاظهم بالقيم التي يخشون كسادها، يظهرون صورة جميلة للغرب الذي سيكون متواجداً في كل زاوية من زوايا قطر، ليعملوا على إظهار صورة حسنة غير تلك التي نراها في الأفلام ! قطر في نهاية الأمر هي صحراء في نظرهم. و الداعمين لهذه البطولة يجب أن لا يعميهم هذا الحدث عن السلبيات التي قد تنتج منه، فكل فعل جميل قد تكون له ردة فعل قبيحة.
اللهم اكتبها من نصبينا إن كانت خيراً لنا، و ابعدها عنا إن كانت ستضر بنا.
الأرجنتين و البرازيل يلعبون في الخور !! على حله ; )” ٠٠”
(بعد قرائتي للتدوينة أظن بأني فشلت في الموضوعية !)
حمداتوف