أين النموذج القطري؟
February 3, 2017 by hamdatov
منذ فترة طويلة وأنا أفكر في النموذج الوطني الذي نستطيع أن نصدره للخارج، فبالنظر إلى النقلة النوعية التي انتقلتها دولتنا قطر في السنوات الماضية في مختلف المجالات وعلى كثير من الأصعدة، أردت أن ابحث عن الطريقة أو المبادئ أو القيم التي نعيشها في مجتمعنا والتي نستطيع التركيز عليها وأن تكون علامة تجارية واضحة لدولة قطر. وحتى أقرب المعنى، عندما نرى منتج مكتوب عليه صنع في اليابان، فإننا نربطه مباشرة بالجودة والإتقان والسبب أن الجودة هي قيمة أساسية ارتكزت عليها نهضة اليابان الصناعية. وبطبيعة الحال نحن دولة غير منتجة بالشكل الكبير وأكبر منتج لنا هو النفط والغاز والذي يقوم باستخراجه هي شركات أجنبية أخرى، صدرتها دولهم المنتجة بمنظومتها القيمية القوية والتي جعلتها تصل إلينا بقوة مما حدى بنا بترسية المناقصات عليهم كحال كثير من الدول الأخرى. ويتربط وجود نموذج خاص بالدولة بقوة هويتها وثقافتها في ابناء شعبها، وإذا ما نظرنا اليوم في الحالة القطرية، فإننا سنرى مجتمعاً يملك هوية قوية في المظهر ولكن هناك مشكلة في الجوهر، وقد طرحت هذا السؤال على عدة أشخاص من صناع القرار ومن العامة: ماهي القيم أو مبادئ الثقافة القطرية التي يمكننا تصديرها للخارج؟ بعيدا عن العرضات وعن اللقيمات وغيره، وحتى أن المشروب الذي أصبح علامة قطرية وهو الكرك فإنه في الأصل مستورد وليس خارج من قطر، ولكن هذه بالنسبة لي مظاهر، ما ابحث عنه هو القيم غير الملموسة، مثل أخلاقيات العمل، أو طريقة التفكير، أو أدوات صنع القرار وغيرها من الأمور التي تنزل في العمق بعيدة عن السطح والتسطيح. وأحد عوامل غياب النموذج القطري هو تقليدنا للنماذج الأخرى، فبالتالي لا نأتي بجديد، فعلى سبيل المثال النظام التعليمي هنا غالب عليه النظام الأمريكي من جانب والبريطاني من جانب آخر، ولكن عندما نرى واحدة من أقوى الدول في التعليم اليوم والتي أصبحت حالة تدرس ألا وهي فنلندا، والتي بدأت عملية خلق النموذج الفنلندي من قبل 40 عام تقريبا، وكان أهم ما قامت به فنلندا أنها خرجت عن قواعد اللعبة المتعارف عليها حيث أن نظامها التعليمي كان مرتبط كثيرا بالنظام الألماني، ولكنها ارتأت أن تعمل على نموذجها بما يتوافق مع احتياجاتها وإمكانياتها، ولأنها شقت طريقا جديدا وهذا الطريق أثبت نجاحه فإنه سيصبح نموذجا يتم تصديره للخارج وستلحقها دول أخرى تتبنى نموذجها التعليمي. وكذلك إذا ما نظرنا إلى أسسنا القانونية والتشريعية فإننا مرتبطون ارتباطا كبيرا بالمدرسة المصرية والتي بدورها مرتبطة بالمدرسة الفرنسية في الدساتير والتشريعات وقس على ذلك في كثير من المجالات. ولأننا لا نملك نموذجنا الفريد الذي نتميز به عن غيرنا فهذا بدوره انعكس علينا كأفراد، قد لا يكون هناك ذاك القطاع الذي يميزنا عن غيرنا ونشأ نتيجة نمو داخلي وطني، وللأسف أن هذا الأمر انعكس على الأفراد فقلما نجد فرد متميز وفريد من نوعه في مجال معين والسبب ضعف النماذج الخاصة بالبلد. بالإضافة إلى ما سبق فإن أحد العوامل التي أدت إلى ذلك هي قلة القرارات السياسية الداخلية الجريئة، والتي قد تولد حراك إيجابي في قطاع معين قد يولد نموذج خاص بقطر بالرغم من أننا مررنا بموجات قوية في الفترة الماضية هيئة المناخ العام لتوليد هذه القرارات، إلا أنها لم تر النور وسأرجع مرة أخرى للتعليم (على سبيل المثال لا الحصر) وذلك لأهمية هذا القطاع فإذا أردت أن تعرف قوة دولة ما انظر إلى القطاع التعليمي والصحي لديها، ونحن نعرف جيدا مستوى التعليم والصحة لدينا حتى وإن وضعتنا المعايير الدولية في رأس القوائم. فقد كانت هناك رغبة في إنشاء نموذج تعليمي قوي في قطر وتولد منه نظام المدارس المستقلة، وللأسف لم ينجح هذا النموذج ولا بأس من فشله، ولكن التأخر في إيقاف الفشل وطريقة حلنا لهذه المشكلة بإرجاع النظام التعليمي للنظام القديم جعلنا نخسر فرصة خلق نموذجين، النموذج التعليمي المراد إيجاده وأيضا خسرنا فرصة خلق نموذجنا الخاص مع تعاطينا كشعب وحكومة لمشكلة وطنية عانينا منها بشكل كبيرة. ما زالت الفرص أمامنا اليوم بمواردنا وقدراتنا في إيجاد نموذجنا الخاص بنا، فنحن اليوم نمر بتحديات ونعاني في جوانب كثيرة، وطرحي لهذا الموضوع ليس نظرة سلبية للواقع، وإنما بحث وتحفيز للتفكير، فقد كانت قطر سابقا نموذجا إقليميا، وكنا معروفين بقيم وثقافات مرتبطة بنا على سبيل المثال “ألاد نفيع”، وكذلك القصة القديمة المتداولة (ولا أملك مصدراً) عندما أراد الشيخ زايد رحمة الله عليه وطيب الله ثراه أن يصل بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة إلى مستوى قطر. نحتاج اليوم أن نقف وقفة صدق وأن نقيم الواقع الذي نعيشه وما مدى قوته أمام مواجهة المستقبل الصعب الذي ستواجهه المنطقة. والله الموفق.
Posted in عام ،، | 2 Comments
لا احد يشك في التحول الكبير الذي حصل ويحصل في قطر وهو تحول خدم المجتمع القطري وجعله منفتحا على العالم وان ادخلت عليه بعض الاشياء بشكل كبير التي تخالف دينه وعاداته الاسلامية والعربية الاصيلة يتميز المجتمع القطري بالتجانس الكامل والنظام متماهي تماما مع المجتمع وتم الحد من الفوارق الكبيرة في الثروة بين الناس وتم التركيز على ادارة الشباب في الصف الال في القيادة .. بقي ان نعرف ان الفقر السكاني يولد قلة الكوادر المتخصصة الماهرة في كل شيئ وبالتالي الاستعانة بخبرات الاخرين وتحمل ثقافاتهم واختلافهم في سبيل الاستفادة منهم في التطوير والادارة وهو امر طبيعي النموذج التعليمي الفلندي هو نموذج شاذ ولم ينتشر ولم يلقى قبولا كبيرا رغم نجاحه في فلندا .. تحياتي لك مقال مميز
3/2/2017أي مرور عام وشهرين على كتابتك لهذا المقال جميل ماتطرقت له ،هي نفسها التساؤلات التي يتسائل بها أي مواطن محب لبلده وكثيراً ماتطرقنا نحن سيدات قطر لمثل هذه التساؤلات وقد طرحت سؤلاً هو الهدف الذي تبحث عنه فعلاً: أين النموذج القطري أو بماذا يتمثل النموذج القطري ؟؟
خلال هذا العام من كتابتك للمقال مررنا بظروف سريعة غيرت الكثير من المفاهيم وثبتت الكثير من القيم والمبادىء ..أعتقد إذا استطاع كل قطري أن يسأل نفسه هذا السؤال: أين يتمثل النموذج القطري؟ أو ماهي الصورة الخاصة بالقطري خارج حدود قطر ؟؟ سيتوسع كل واحد معني ومهتم بالإجابة وقد نجد مواطن القوة التي يمثلها القطريون وكيف يستطيعون بناء ثقافة خارج حدود الوطن ..
بالنسبة لما تطرقت له كمثال بما يخص التعليم أعتقد أن نسبة فشل التجارب هو استيراد هذه التجارب دون قياس مدى مناسبتها للمجتمع التعليمي الخاص بنا كدولة ، كما أنهم تجاهلوا دراسة الإحتياجات وكيفية سدها بالطريقة التي تناسبنا كقطريين .. إذا أردت أن تترك بصمة فأبحث وجد مايتناسب مع احتياحاتك دون للنظر للإحتياجات العامة حتى لو كانت عالمية فليس كل عالمي يتناسب مع سد حاجتك ..
يجب أن نبحث عن مواطن قوتنا كقطريين فأول موطن هو القطري وهو الإستثمار الحقيقي للوطن.. نملك العديد من الطاقات البشرية الشابة الفعالة لكن نحتاج ثقة لتتطور وتتمدد بنطاق واسع ..
أتمنى كتابة مقال مشابه لهذا المقال للتطرق بما تطرقت له لما بعد الحصار هل هناك تغيير وفروقات؟؟ وأين وجدتها؟
وشكراً على المقال