Feeds:
Posts
Comments

Posts Tagged ‘قطر’

لماذا لا نصنع ديموقراطيتنا بأنفسنا؟

الجواب البسيط: لأننا لا نملك أي شيء, من الشاشة أو الورقة التي تقرأ منها هذا السطر, إلى “الفانيلة” التي تلبسها!

الجواب الطويل: على ما يبدو أن مجلس الشورى المنتخب سيتم تأجيله مرة أخرى لأسباب لا أعلمها,  وهذه فرصة أطرح فيها فكرة لعبت في عقلي كثيراً و قد حان وقت تهجيدها!

 

من الكتب التي اسأل الله أن لا يسقطها بيد الحكام العرب خصوصاً و المسلمين عموماً, هو كتاب (قصة الديموقراطية) للبروفيسور جون دن من جامعة كامبردج. في هذا الكتاب عرض جون تأصيلاً للديموقراطية من بدايتها وحتى انتهى بها يومنا هذا, وهو كتاب في الحقيقة يستحق القراءة (ليس للحكام) لأنه قد يجيب على سؤال لماذا الديموقراطية بالذات؟!

 

يتم عرض التجربة الديموقراطية في مدينة أثينا ومن ثم الموت الذي أصاب هذه الكلمة لمدة تقارب ال 1500 سنة, ومن ثم رجوعها للحياة بقوة على الساحة السياسية وخصوصاً في أواخر القرن الثامن عشر مع الثورة الأمريكية و الفرنسية, ومن ثم نجاحها الكاسح كنموذج معتمد دولياً, وأي تهميش لها هو تهميش للمارسة السياسية الشعبية, وكأنها نظام سماوي لا يمكن التخلي عنه!

 

لم يأت الإسلام بنظام سياسي واضح من الألف إلى الياء يوضح الحياة السياسية التي يجب أن يعيشها المسلمين, وإنما أعطانا مبادئ يجب علينا المحافظة عليها من خلال السياسة, وهذه المبادئ موجودة قبل الإسلام, فهي مبادئ إنسانية بحتة وجدت مع وجود آدم, العدل, المساواة, و الحرية. وعليها من بداية الخليقة كانت الأنظمة الحاكمة (المعتدلة) تحاول أن تصيب هذا “الثالوث الإنساني” إن صحت تسميته. حتى نظام الشورى في الإسلام, وفكرة أهل الحل والعقد كان أساسها نابع من هذه المبادئ.

 

في قصة الديموقراطية,يقول الكاتب أنه لا توجد دولة طبقت الديموقراطية إلا وسقطت! واستدل بدولة روما عندما حاولت تطبيق النموذج الأثيني الديموقراطي, وروما حينها كانت دولة ملكية خالصة, ولكن ما الذي جعلها تسقط؟ أو لماذا نجحت الديموقراطية في أثينا ولم تنجح في روما؟ يقول الكاتب, لأنه بكل بساطة الديموقراطية كنموذج هو حالة خاصة بأثينا وحدها, التي كان نظامها الاجتماعي, السياسي, و الثقافي مخولاً لتطبيق هذا النظام الشعبي.

 

طيب؟!

أقرب دولة لنا طبقت الديموقراطية, هي دولة الكويت الشقيقة. ولكنها على ما يبدو لم تعطنا نموذجاً صالحاً للتطبيق بحكم النهاية السريعة له (على ما يبدو فما يحدث الآن هو تعطيل لها) فالديموقراطية متى ما كانت ناقصة فهي حرية زائفة كما يقول جون دن! الكويت تشبهنا كثيراً, كثيراً جداً, من الموقع الجغرافي إلى الحياة الإجتماعية إلى نظام الحكم وقل ما شئت ستجد أننا نتشابه كثيراً, فنحن أشقاء و الدم واحد. (لن أتطرق للبحرين فهي نظام ملكي, و النَفس الطائفي فيها عالٍ جداً) كنا نحلم بأن تنجح التجربة الكويتية حتى يتم تصديرها إلى باقي دول الخليج, ولكنها للأسف أصبحت عكس ذلك, بل الآن يتم الاستشهاد بها لمحاربة الديموقراطية, وحتى مع هذا الوضع الذي هم عليه, نجد أن الشباب الكويتي متفوق على أقرانه الخليجيين في كثير من المجالات, من الأمور الدينية إلى الدنيوية! لماذا؟! لأنه بكل بساطة حتى النظام الدموقراطي الكويتي “الزائف” كانت له إيجابيات كثيرة, أزاح كثيراً من قيود الإبداع التي قد تعيق تحركات الشباب في مختلف دول الخليج, فديموقراطية زائفة قد تكون أفضل من ملكية مطلقة.

 

الزبدة؟!

الزبدة, على ما يبدو أن مجلس الشورى المنتخب قد لا يجدي نفعاً (قد يرى البعض ذلك) بناءاً على وجهة نظره من الوعي الشعبي الحالي بالممارسة السياسية, وقد يجدي الكثير من المنفعة, على الأقل بدلاً من مناقشة تغيير اسم الخبز الإيراني, قد تكبر المواضيع لتشمل مناقشة معاشات الشؤون, الصحة, التعليم و غيرها من الأمور. لأنه بطبيعة الحال سيتم إنتخاب أشخاص مستواهم العلمي يرقى لأمور تهم الوطن و المواطن (مع كل احترامي و تقديري للمجلس الحالي)

 

المادة (1) من الدستور القطري الدائم

“قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة, دينها الإسلام, و الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها, “ونظامها ديموقراطي” ولغتها الرسمية هي اللغة العربية, وشعب قطر جزء من الأمة العربية. “

وغير هذا البند هناك ثلث الدستور يتناول المجلس المنتخب وآلياته وكيفية العمل به.

 

ولكن!

 

لا يهمني إن كان سيتم وضع مجلس شورى منتخب أو نظام ديموقراطي برلماني, أو أن تتحول دولة قطر إلى الجمهورية العربية القطرية, أو الولايات القطرية المتحدة, أو القبائل القطرية المتحدة. كل الذي يهمني أن يتوفر الثالوث الإنساني, عدل, مساوة وحرية.

فرنسا ديموقراطية

أمريكا ديموقراطية

المملكة المتحدة ديموقراطية

 

وكلها نماذج ناجحة, ولكنها غير قابلة للتطبيق عندنا, لأن كل نموذج من هذه النماذج صالح لبلده فقط, فرنسا نظامها يختلف عن أمريكا وكلتهما تختلفان عن المملكة المتحدة.

 

وعليه يجب أن نصنع نموذجنا “الديموقراطي”, بإرادة صادقة من الحكومة, وبدعم شعبي من عامة الناس. وإلا سيأكلنا المستقبل كما تأكل النار الحطب!

والله ولي التوفيق و القادر عليه. 

Read Full Post »